اخر المواضيع في المدونة

الأربعاء، 12 فبراير 2014

شخصيات وطنية عراقية - الاستاذ جواد مصطفى جواد رائد صناعة الملاكات النفطية الوسطية في العراق

بقلم
وسام الشالجي




شخصية لا يعرفها الكثيرون لكنها شخصية فذة يمكن وصفها بانها صانعة الملاكات النفطية الوسطية في العراق لمدة امتدت لأكثر من ثلاثة عقود . الشخصية مدار البحث هي للخبير النفطي المهندس جواد مصطفى جواد ابن العلامة الشهير مصطفى جواد مصطفى . ولد جواد مصطفى عام 1933 في محلة صبابيغ الأل في بغداد , ويرجع أصل أسرته الى قضاء الخالص (دلتاوة سابقا) في محافظة ديالى , وهو من اصل تركماني اذ كان جده وجدته من عشيرة (صارأيلو) التي تعود الى البيات . انتظم جواد مصطفى جواد بالدراسة الأبتدائية في المدرسة الجعفرية , واكمل دراسته الأعدادية في الاعدادية المركزية عام 1951 بتوفق مما اتاح له الألتحاق بعدها ببعثة دراسية الى انكلترة حيث حصل على شهادة البكلوريوس في الهندسة الكهربائية والاتصالات من جامعة سوانزي عام 1956 . وخلال دراسته بالخارج يقول عنه زملائه بانه كان طالبا هادئا ومتوفقا يحب المشاركة في الفعاليات الطلابية العربية اذ كان عضوا نشطا برابطة الطلبة العرب . بعد عودته الى العراق تعين كمهندس في شركة نفط العراق (الاي بي سي) التي كانت مسؤولة عن استكشاف وانتاج النفط الخام في منطقة كركوك وعمل بقسم الكهرباء فيها . استمر بالعمل في شركة نفط العراق حتى تأميمها في عام 1972 ليلتحق بعدها بشركة النفط الوطنية العراقية في بغداد .



قبل تأميم النفط كان هناك قسم للتدريب المهني في شركة النفط الوطنية العراقية يتكفل باعداد الكوادر المهنية التي تحتاجها الشركة في اعمالها . وقد قام هذا القسم بالتفاوض مع وزارة الصناعة لكي ينقل اليه عائدية مركز التدريب المهني الذي كانت احدى الشركات الروسية قد انشأته لصالحها في منطقة الوزيرية . وفي 5 تشرين الثاني عام 1970 صدر قرار من مجلس التخطيط بفك أرتباط هذا المركز من وزارة الصناعه وربطه بشركة النفط الوطنيه العراقيه تحت ادارة قسم التدريب المهني فيها وتم تغيير تسميته الى (مركز التدريب النفطي) لكي يقوم باعداد ملاكات فنية وسطية تعمل في القطاع النفطي . وبعد تأميم النفط عام 1972 اصدرت الدولة قرارا سريعا بتحويل قسم التدريب المهني في شركة النفط الوطنية العراقية الى دائرة سميت بدائرة التدريب المهني والتطوير الاداري لرفد الشركه بالكوادر الوسطية باسرع وقت ممكن لسد النقص الذي حصل نتيجة لتنفيذ خطط تطوير الحقول النفطية الطموحة شمالا وجنوبا لزيادة الانتاج النفطي . عين السيد جواد مصطفى جواد بعد التحاقه بشركة النفط الوطنية العراقة وكيلا لمدير هذه الدائرة ومديرا لمركز التدريب النفطي في نفس الوقت . بدأ مركز التدريب النفطي بتخريج الكوادر النفطية الوسطية عام 1974 وباشراف مباشر من مديره الاستاذ جواد مصطفى جواد . في عام 1974 عين جواد مصطفى جواد مديرا لدائرة التدريب المهني والتطوير الاداري اصالة . في عام 1975 الغيت دائرة التدريب المهني والتطوير الاداري في شركة النفط الوطنية وعين جواد مصطفى جواد مديرا عاما للدائرة القانونية الادراية في الشركة وكالة وألحق مركز التدريب النفطي بها . في عام 1978 صدر قرار بتكوين المنشأة العامة للتدريب النفطي كمديرية عامة مستقلة والحق بها مركز التدريب النفطي في بغداد وكذلك مركز التدريب المهني في كركوك بعد ان غير اسمه الى مركز التدريب النفطي - كركوك , وقد نسب الاستاذ جواد مصطفى جواد الذي اصبح بدرجة خبير نفطي للعمل كمدير لقسم التطوير في هذه المنشأة ووكيلا لمديرها العام .



استمر الاستاذ جواد مصطفى جواد بالعمل في المنشأة العامة للتدريب النفطي كمخطط ومبرمج لاعداد الملاكات النفطية الوسطية , وكان من اهم انجازاته التخطيط لفتح دورات سريعة عامي 1980 و 1981 في مركز التدريب النفطي في بغداد خرجت الالاف من الفنيين المتخصصين والذين ظهرت الحاجة اليهم بعد الخطط الانفجارية التي نفذتها وزارة النفط لزيادة مستويات الانتاج النفطي وكذلك بناء مصافي جديدة عملاقة مثل مصفى بيجي ومصفى البصرة . وفي عام 1987 تم الغاء المنشأة العامة للتدريب النفطي وجرى الحاق مراكز التدريب النفطي بعد تغيير اسمائها الى معاهد التدريب النفطي (او معاهد النفط اختصارا) كدوائر مستقلة بوزارة النفط . تحول جواد مصطفى جواد في هذه المرحلة الى العمل في معهد النفط في بغداد كخبير نفطي مسؤول عن التخطيط والمتابعة واعداد وتنفيذ البرامج التطويرية . بدأ الاستاذ جواد مصطفى جواد يخطط ويشرف بشكل مباشر على تنفيذ برامج اعداد الكوادر الفنية الوسطية لجميع نشاطات القطاع النفطي , من بينها تخريج حفاري الابار النفطية ومشغلي وحدات التصفية ووحدات الغاز ومشيدي خطوط الانابيب والفنيين  الكهربائيين والميكانيكيين وعشرات الاختصاصات الاخرى . وقد استمر بالعمل في معهد النفط - بغداد حتى العام 1996 حيث احيل على التقاعد لبلوغه السن القانونية , لكنه ظل يعمل هناك كخبير نفطي استشاري متعاقد . في اوائل عام 2007 انهي عقده الوظيفي وغادر العراق واستقر لفترة في عمان - الاردن , ومن هناك سافر الى الولايات المتحدة الامريكية حيث يعيش ولده ولا زال هناك حتى ساعة اعداد هذه المقال .



عمل الاستاذ جواد مصطفى جواد في القطاع النفطي لمدة وصلت الى نصف قرن كان فيها بحق رائد صناعة الملاكات النفطية الوسطية في العراق , وقد تخرج نتيجة لجهوده الكبيرة عشرات الالوف من الفنيين الذين واصل الكثيرين منهم دراستهم العليا وحصلوا على شهادات رفيعة أهلتهم لقيادة مسيرة هذا القطاع في مراحل لاحقة . كما أن الاستاذ جواد مصطفى جواد هو عقلية علمية لامعة وقد ابدع في مجال عمله ايما ابداع الى درجة كان من الصعب في بعض المراحل تصور ميدان التدريب والاعداد والتطوير النفطي بدون وجوده وحضوره . ومما يؤكد هذه الحقيقة انه ظل يعمل بهذا السلك حتى بعد تقاعده لمدة تجاوزت العشر سنوات . ومما يفخر به بعضنا اننا عملنا تحت ادارته وبتوجيهه لفترة من الزمن حيث جرى انجاز خطط مستقبلية طموحة من بينها (خطة التعليم النفطي المتكامل) التي تتضمن انشاء جامعة نفطية بادارة وزارة النفط تضم كليات نفطية تفتح في الشمال والجنوب الى جانب معاهد النفط الموجودة فعلا لتخريج كوادر فنية متخصصة بختلف المستويات للعمل في القطاع النفطي . كما تضمنت الخطة ايضا فتح اعداديات نفطية في المحافظات مشابهة لاعداديات الصناعة يمكن ان تخرج فنيين متخصصين ممن يمكن ان يعملوا بعد تخرجهم مباشرة او يكملوا دراستهم في المعاهد والكليات النفطية . ويعرف كل من عمل مع هذا الرجل او عاشره لفترة بانه موسوعة معلوماتية فائقة , اذ ما ان يسأل عن شيء معين يتعلق بمجال عمله أو تخصصه حتى تنهال منه المعلومات بشكل انسيابي يثير الاعجاب معززا كل ما يقوله بالوثائق والمستندات التي كانت تضج بها غرفته . ومما يجب قوله بحق هذا الانسان الوطني الشريف بأنه كان طيلة حياته الوظيفية انسان متواضع جدا لا يبالي ابدا بالعمل في الظل والبقاء وراء الكواليس , كما انه لم يسعى في حياته لمنصب او وظيفة قيادية طالما كان ما يخططه ويعده ينفذ ويتحقق على ارض الواقع . وقد لا يعرف معظم خريجي معاهد النفط في العراق بان اليد الامينة التي كانت تخطط لقبولهم وتهيء جميع المستلزمات اللازمة لدراستهم وتدريبهم وتهتم بهم حتى تخرجهم لم تكن غير أيدي الاستاذ الفاضل جواد مصطفى جواد . من جانب أخر كان هذا الانسان الرائع رجل في غاية الموده عند تعامله مع الاخرين , وكان يعكس بقوة صورة والده العلامه الفذ شيخ اللغه والتاريخ الدكتور مصطفى جواد والذي كان يعتز به كثيرا ويقتدي به في كل شيء علاوة على رعايته لانجازاته العلمية والفكرية من خلال قيامه بادامة مؤلفاته والمخطوطات الموجودة في مكتبته .



تحية تقدير واحترام لهذا العالم الجليل وطوبى لما حققه في حياته من انجازات عظيمة سيتذكرها القطاع النفطي العراقي وستذكرها اجيال الكوادر العاملة في هذا القطاع لمدة طويلة . ولا يفوتني هنا ايضا بان ادعوا الله تعالى بان يهبه الصحة والعافية ويطيل في عمره ليبقى مفخرة لوطنه ومحبيه , انه سميع مجيب .



وسام الشالجي

10 شباط 2014

نشر هذ المقال في جريدة الزمان العراقية بعددها ليوم 12 شباط 2014 وهذا رابطه

http://www.azzaman.net/qpdfarchive/2014/02/12-02/P14.pdf

وقد سقط منه اسمي وورد سهوا باسم سؤدد الكندي