اخر المواضيع في المدونة

السبت، 16 نوفمبر 2013

متحف الشمع - مدام توسو

متحف الشمع
 "مدام توسو Madadme Tussaud"

اعداد وترجمة
وسام الشالجي


متحف الشمع بلندن

في صيف العام الماضي (2013) زرت في مدينة نيويورك متحف الشمع "مدام توسو" (أو مدام توسود Madame Tussaud  كما يطلق عليه في بعض الاحيان)  , وكنت قد زرت قبلها بثلاثين عام تقريبا نفس المتحف في لندن , والتي هي المقر الاصلي لمجموعة هذه المتاحف المنتشرة حول العالم . ومع ان هناك فرق كبير بين المتحف الذي رايته في نيويورك عن الاصلي الموجود في لندن , الا ان هذه الزيارة كانت مدهشة ايضا , لكنها لم تترك في نفسي ذات الاثر الذي تركته الزيارة القديمة لنفس المتحف في لندن . وبعد هاتان الزيارتان قررت ان انشر تحقيقا موسعا عن هذا المتحف وتاريخه , والفنانة التي اسسته والفكرة التي دفعتها لانشاء هذا المتحف بشكل سلسلة حلقات لكي تكون بعد اختتامها تحقيق عربي مصور ينشر لاول مرة عن هذه المتاحف حول العالم .

1-  من هي مدام توسو Madame Tussauds
نبدأ حلقتنا الاولى عن متاحف مدام توسو بمعرفة الفنانة التي كانت وراء تأسيس هذا المتحف والتي اقترن اسمه باسمها .  ولدت ماري توسو التي عرفت اوائل حياتها باسم  "آنا ماريا كروسهولتز Grosholtz Anna Maria" عام 1761 في مدينة ستراسبورغ في فرنسا .


عائلة مدام توسو

 كانت والدة انا ماريا تعمل كمدبرة منزل في بيت الدكتور فيليب كورتيوس في برن بسويسرا ، الذي كان ماهرا في صنع موديلات شمعية , وهو من علم أنا ماريا فن صناعة نماذج مختلفة من الشمع . قامت أنا ماريا بأنشاء أول تمثال لها مصنوع من الشمع لفولتير في عام 1777 . كما قامت في ذلك الوقت بانشاء تماثيل اخرى لاناس مشهورين مثل جان جاك روسو وبنيامين فرانكلين . وخلال الثورة الفرنسية قامت ببناء تماثيل للعديد من الضحايا البارزين الذين قضوا بتلك الثورة .  وتقول روسو في مذكراتها أنها كانت تبحث بين الجثث عن رؤوس مقطوعة من الشخصيات الشهيرة او المواطنين لغرض تنفيذها وصنع نماذج منها تسمى بـ "أقنعة الموت", والتي كان الثوار يرفعونها بطريقة تشبه رفع الاعلام الثورية ويطوفون فيها بشوارع باريس.


منظر مشيد في متحف الشمع بلندن يمثل مدام توسو وهي تتطلع الى ضحايا الثورة الفرنسية لبناء تماثيل لهم

بعد وفاة الدكتور فيليب كورتيوس في  1794 ورثت أنا ماريا مجموعته الضخمة من النماذج الشمعية ، وقضت السنوات الـ 33 التالية في السفر في جميع أنحاء أوروبا لعرضها . تزوجت أنا ماريا من "فرانسوا توسو  François Tussaud" في عام 1795 وحصلت من هذا الزواج على اسم جديد لها هو ماري توسو , كما سمت معارضها بعد هذا الزواج باسم متحف مدام توسو . في عام 1802 ذهبت إلى لندن ، بعد أن قبلت دعوة من بول فليدور  Philidor  Paul الرائد في تقديم عروض السحر والشعوذة لكي تعرض أعمالها جنبا إلى جنب مع برنامجه في صالة حفلات مسرح في لندن . وتقول توسو بانها لم تجني شيئا مهما من الناحية المالية من هذه العروض لان فليدور كان يستحوذ على معظم أرباحها . وبسبب حروب نابليون في فرنسا فإنها لم تتمكن من العودة إلى فرنسا ، لذلك اخذت تطوف في جميع أنحاء بريطانيا العظمى وأيرلندا لعرض مجموعتها من تماثيل الشمع . في عام 1831 وما بعده اتخذت مدام توسو مكان للسكن يقع في الطابق العلوي من "بيكر ستريت بازار" (على الجانب الغربي من شارع بيكر، شارع دورسيت وشارع الملك) من خلال سلسلة من عقود الإيجار قصيرة الامد واخذت تنشط في اعمالها ليصبح هذا المكان في عام 1936 أول مقر دائم لها لصنع تماثيل الشمع .

في عام 1935 فتحت توسو اول متحف لتماثيل الشمع يقع في شارع بيكر . وقد نجح المتحف وكان واحدا من اهم مناطق الجذب الرئيسية فيه هي قاعة الرعب , والتي تضم مشاهد مأخوذة من احداث الثورة الفرنسية وتماثيل مختلفة لضحايا الثورة الفرنسية والاعدامات التي جرت بواسطة المقصلة, بالاضافة الى تماثيل لاشهر القتلة والمجرمين الآخرين.  وغالبا ما ينسب اسم صانع هذه التماثيل الى شخص مساهم اسمه Punch على اعتبار بانه هو من صنعها في عام 1845 ، لكن ظهور صور من هذه التماثيل والمشاهد في اعلان تجاري عن المتحف في اوائل عام 1943 يبين بانها في الحقيقة صنعت من قبل ماري توسو نفسها وليس اي شخص أخر .


موقع متحف الشمع في شارع بيكر بلندن

في عام 1842 عملت لنفسها تمثال شمعي اسمته (صورة الذات) والذي لا زال الى يومنا هذا يتربع على مدخل متحف مدام توسو في لندن . وفي عام 1850 توفيت توسو اثناء نومها عن عمر يناهز التاسعة والثمانين .



تمثال لمدام توسو مصنوع من قبلها وموضوع في مدخل متحف الشمع بلندن

2- متحف الشمع – مدام توسو في لندن
استمر متحف الشمع الذي اسسته مدام توسو يعمل في مكانه الاول في شارع بيكر حوالي 48 سنة , لكن في عام 1883  وبسبب المساحة المحدودة وارتفاع التكلفة في الموقع فقد قام حفيد مدام توسو (جوزيف راندال) باختيار مبنى جديد له يقع في شارع ماريليبون بلندن كموقع جديد لمتحف الشمع والذي لازال الى يومنا هذا هو موقع المتحف .  وقد أفتتح المعرض الجديد في 14 تموز عام 1884 وقد لاقى افتتاحه نجاحا كبيرا.  ومع ذلك ، فإن تكاليف البناء الكبيرة والتكلفة الاضافية التي ترتبت عليه بسبب شراء حصة ابنة عمه (لويزا) في هذه الأعمال التجارية عام 1881  قد سبب نقص كبير في تمويل المشروع.  وفي عام 1888 تم تشكيل شركة محدودة لجذب رؤوس أموال جديدة باسم شركة متحف مدام توسو , ولكن كان لا بد من حل هذه الشركة بعد خلافات بين المساهمين الذين ينحدرون من نفس الأسرة . وفي فبراير من عام 1889 تم بيع شركة متحف مدام توسو لمجموعة من رجال الأعمال يترأسهم ادوين يوشيا  Edwin Josiah  . وقد قام مالكوا الشركة الجديدة بأقصاء الفنان ادوارد وايت توفيرا للأموال , وقد قام هذا الاخير بأرسال طرد مفخخ إلى جون تيودور توسو في يونيو 1889 كوسيلة للانتقام مما حصل له .

وبمرور الزمن نما متحف الشمع – مدام توسو ليصبح نقطة جذب سياحية رئيسية في لندن ، ويتضمن في الوقت الحالي (عام 2013 ) بالاضافة الى قاعات العرض القبة السماوية التي تقع في جناح المتحف الغربي . وقد توسع المتحف ليصبح له فروع في مختلف انحاء العالم . وتمتلك مجموع متاحف مدام توسو حاليا شركة من شركات الترفيه اسمها (ميرلين انترتينمنت) بعد ن حصلت عليها عن طريق الشراء في مايو 2007 . وتشمل تماثيل الشمع الموجودة بمتاحف الشمع , وبالذات في لندن التي هي العاصمة التاريخية لمتاحف مدام توسو نصب لمختلف الشخصيات العالمية التي تركت اثرها على التاريخ الانساني , سواء ان كانت شخصيات سياسية او عسكرية او فنية او رياضية وغيرها . كما تضم المتاحف ايضا تماثيل لبعض الشخصيات الاجرامية وعتاة القتلة الشهيرين في التاريخ ومشاهد رعب وقعت احداثها في مناطق مختلفة من انحاء العالم . كما ان التماثيل المعروضة في متاحف الشمع تتغير باستمرار , فالكثير منها ترفع لتوضع بدلها شخصيات جديدة عادة ما يكون صيتها ذائع في مرحلة ما . اما المعروضات الثابتة في هذه المتاحف فعادة ما تمثل شخصيات تركت اثارها في التاريخ بشكل كبير . وحتى بالنسبة لهذه الشخصيات فان تماثيل جديدة لها باوضاع مختلفة تصنع باستمرار ليجري استبدال التماثيل القديمة بها كنوع من التجديد واعادة اخراج قاعات العرض في هذه المتاحف . وتشمل المعروضات ايضا مشاهد لاحداث دخلت التاريخ كما هو الحال في لحظة تنصيب الملكة فكتوريا كملكة لبريطانيا حين كانت في التاسعة من العمر , وواقعة اعدام الملك الفرنسي لويس السادس عشر بالمقصلة , وزفاف الامير شارلز والاميرة ديانا , وبعض الوقائع الحربية وغيرها من الاحداث . ومما يجدر قوله ان الكثير من التماثيل المعروضة صنعت بدقة متناهية بحيث يصعب تمييزها عن الشخصية الاصلية , لكن هناك في نفس الوقت تماثيل لم يبرع مصمميها في صنعها كثيرا حتى تكاد لا تشبه الشخصيات التي تمثلها . وتشمل بعض المعروضات القديمة تماثيل لشخصيات من القرن التاسع عشر صنعت اثناء وجودهم على قيد الحياة مثل الملك البريطاني هنري الثامن . كما جرى استعمال نفس الملابس الاصلية للشخصيات المعروضة في بعض الحالات .


اليزابيث الثانية ملكة بريطانيا


الملكة فكتوريا


الاميرة ديانا



الملك هنري الثامن


جورج بوش الابن


الممثلة مارلين مونرو


رئيسة وزراء باكستان بناظير بوتو


العالم اينشتاين


الفيس بريسلي

وفيما يلي بعض الصور القديمة من متحف الشمع في لندن


المخرج الفريد هتشكوك


رئيسة وزراء بريطانيا ملرغريت تاتشر مع تمثالها

قاعة الرعب Horror Chamber
منذ افتتاح متحف الشمع بلندن استقطبت قاعة الرعب فيه اهتمام المشاهدين والزوار . وقد كانت النماذج المعروضة في هذه القاعة تتضمن مشاهد من احداث الثورة الفرنسية ,  وبالذات الاعدامات التي كانت تجري بواسطة المقصلة ومن اهمها اعدام الملك لويس السادس عشر والملكة ماري انطوانيت . كما تضمنت القاعة مشاهد للرؤوس المقطوعة والتي كان الثوار يرفعونها ويطوفون بها في شوارع باريس . ثم توسعت هذه القاعة واخذت تضم مشاهد لوسائل الاعدام المختلفة مثل الاعدام بكرسي الخنق الذي كان يستعمل في اسبانيا او الاعدام بالكرسي الكهربائي او بالشنق او بالرمي بالرصاص . كما ضمت القاعة مشاهد لبعض مشاهير القتلة في التاريخ والذين كانوا يعذبون ضحاياهم , اوهؤلاء الذين كانوا يتلذذون بفنون القتل المختلفة مثل سفاحي تكساس وغيرهم . كما ضمت القاعة مشاهد لمجرمين محكومين وهم في زنزاناتهم مثل أل كابوني . ظلت هذه القاعة مثار اقبال الزوار والمشاهدين لكنها الغيت في اواخر القرن الماضي حيث اعتبرت مشاهدها غير مناسبة ولا تعتبر مشاهد مريحة لمن يتوخى المتعة في هذا المرفق السياحي . وفيما يلي بعض صور بعض التماثيل والمشاهد التي كانت موجودة بهذه القاعة معتذرين عن قوة وبشاعة بعض المشاهد الموجودة فيها وعلينا ان لا ننسى بانها مجرد تماثيل لا حياة فيها .


قاتلة شهيرة تصطاد ضحاياها عن طريق ممارسة الدعارة


اعدام بالمقصلة


 رؤوس لضحايا الثورة الفرنسية يطاف بهم في شوارع باريس


الاعدام بكرسي الخنق


اعدام بالكرسي الكهربائي


وسائل تعذيب مختلفة


تعذيب ضحية


سفاحي تكساس


قاتل يشنق ضحيته بعد تعذيبها


3- القبة السماوية

في عام 1955 اعلن السيد يعقوب رتل رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لمتحف مدام توسو بان مجلس ادارة المتحف قد وافق على استيراد المعدات اللازمة من المانيا الغربية لانشاء قبة سماوية London Planetarium بكلفة تقدر في وقتها بحوالي 50،000 جنيه استرليني . وقد اختير لأنشاء القبة موقع يقع الى جوار المتحف من الناحية الغربية مكان السينما القديمة التي دمرت في الحرب العالمية الثانية . وفي عام 1958 تم افتتاح الموقع والذي يستوعب حوالي 330 زائر تحت قبة يبلغ قطرها تقريبا 18 م واصبح يعتبر واحد من المعالم السياحية البارزة في تلك المدينة لكونه يعرض البرامج المتعلقة بعلوم الفضاء والفلك بتقنيات متطورة .


القبة السماوية الملحقة بمتحف الشمع في لندن

في العقود الخمسة الأولى من عمر القبة كان يعرض للجمهور فيها مناظر بواسطة اجهزة ابصريات المستعملة نظرة للسماء ليلا كما ترى من الأرض . وبين عامي 1977 و 1990 اضيف للعرض تقنيات ليزرية . وفي عام 1995، تم تثبيت واحد من أول أنظمة القبة السماوية الرقمية في العالم DIGISTAR II والذي تم إنشاؤه بكلفة 4,500,000 جنيه استرليني يستطيع عرض الرحلات الفضائية عبر الفضاء بتقنية DIGISTAR 3 لكن بالابيض والاسود , بالاضافة الى مناظر فلكية عديدة أخرى لتقديمها ضمن عروض القبة . وقد استخدمت القبة السماوية بالاضافة الى تقديم العروض كوسيلة لتعليم الطلاب من قسم الفلك بجامعة كوليدج بلندن خصوصا في نظام الإحداثيات السماوية ، وكذلك السماح بتقديم المحاضرات العملية من قبل فريق من الموظفين القبة السماوية . وفي عام 2004 تمت ترقية القبة السماوية لكي تعرض نظامDIGISTAR 3 بالألوان الكاملة من خلال نظام يسمح بنقل الجمهور ضمن الوقت الحقيقي للعرض الى عوالم بعيدة من الزمان والمكان بتقنية رباعية الابعاد .


كواكب المجموعة الشمسية في القبة السماوية في لندن

في يناير من عام 2006 قطعت المذيعة نشرة الاخبار من لندن لتذيع خبرا بعنوان (وداعا للقبة السماوية في لندن) اعلنت فيه بان القبة السماوية في لندن Planetarium  سيجري اعادة تسميتها باسم جديد هو  Auditorium  وانها لن تكون بعد اليوم خاصة بعلوم الفلك والفضاء بل ستصبح من الان فصاعدا قاعة لتقديم العروض الترفيهية ,  وبالفعل فقد تم دمج القاعة بعدها بالمتحف واصبحت جزءا منه . ثم أعلن متحف مدام توسو في وقت لاحق في يوليو 2006 ان القاعة ستبدأ بعرض رسوم متحركة عن المشاهير , وقد سمح المتحف لزواره بالدخول مجانا إلى القاعة . لايفهم لحد الان السبب المباشر الذي ادرى الى اغلاق هذه القاعة الشهيرة التي ظلت تعمل لمدة تزيد عن نصف قرن .




منظر من القبة السماوية في متحف مدام توسو في لندن




الاحداثيات في القبة السماوية


كوكب زحل في القبة السماوية في متحف الشمع في لندن



منظر من مناظر القبة السماوية

4- متاحف مدام توسو حول العالم :

يوجد لمتحف الشمع - مدام توسو الان فروع في مختلف انحاء العالم مثل أمستردام ، بانكوك ، برلين ، بلاكبول ، هوليوود ، هونج كونج ، لاس فيغاس ، نيويورك ، شنغهاي ، سيدني , فيينا , وواشنطن . وتعرض في هذه المعارض بالاضافة الى الشخصيات العالمية شخصيات محلية تعود للدول الموجودة بها هذه المتاحف . وتستقطب هذه المتاحف الزوار والسواح حالها حال المعرض الرئيس في لندن  .


متحف الشمع في نيويورك
متحف الشمع في واشنطن

متحف مدام توسو في شنغهاي



متحف مدام توسو في فيينا

تماثيل لممثلين صينيين في متحف الشمع في شنغهاي



صورة المعد مع بيل وهلري كلنتون في متحف نيويورك


صورة المعد مع الرئيس نكسون في متحف الشمع بنيويورك



صورة المعد مع الممثل العالمي جيمس دين بمتحف الشمع بنيويرك

ومن الطريف الذي يمكن ذكره عن هذه المتاحف المنتشرة حول العالم انه في يوليو من عام 2008 قام رجل الماني عمره 41 عاما بتجاوز الحراس وقطع رأس تمثال من الشمع يصور الزعيم النازي أدولف هتلر . وقد زعم هذا الشخص بان عمله هذا هو عملا من أعمال الاحتجاج ضد وضع تمثال هذا الدكتاتور الذي كان لا يرحم جنبا إلى جنب مع أبطال الرياضة ونجوم السينما والشخصيات التاريخية الأخرى . وقد تم اصلاح التمثال واعادته الى وضعه , لكن , ومنذ ذلك الوقت اصبحت تماثيل ادولف هتلر توضع تحت حراسة شديدة في مختلف انحاء العالم . وكان اول تمثال لهتلر قد صنع ووضع في متحف مدام توسو في لندن في أبريل 1933 لكنه تعرض للتخريب . وقد صنع تمثال بديل له في عام 1936 ووضع تحت حراسة مشددة . وبعد الحرب العالمية الثانية وضع هذا التمثال قرب باب قاعة الرعب التي تضم مشاهير المجرمين والقتلة في التاريخ . لكن التمثال رفع من هذا المكان في اوائل هذا القرن ووضع بشكل اعتيادي في القاعة التي تضم مشاهير القادة والرؤساء في العالم  .


تمثال هتلر في متحف الشمع بلندن

هتلر في متحف الشمع ببرلين

وقد انشأت في مناطق عديدة من العالم متاحف مماثلة لمتحف الشمع - مدام توسو لكنها لا تعود الى نفس الشركة ولا تدار من قبلها . ويوجد على سبيل المثال من هذه المتاحف واحد في بيروت باسم (متحف المشاهير) , كما يوجد واحد في بغداد باسم المتحف البغدادي . في متحف بيروت يوجد تماثيل لشخصيات محلية وعربية وعالمية . اما في المتحف البغدادي فلا يوجد الا تماثيل لمشاهد فولكلورية بغدادية , وقد يعود السبب في عدم وجود تماثيل لشخصيات عراقية وجود بعض الاختلافات في الاراء السياسية تجاه الشخصيات التي مرت بالعراق , لذلك أثر المتحف بالابتعاد عن هذا الجانب لكي لا يقع في الاحراج . ومما يجدر قوله هو ان جودة التماثيل المعروضة بمثل هذه المتاحف لا ترتقي الى مستوى تلك المعروضة بمتاحف الشمع - مدام توسو المنتشرة حول العالم .  



تمثال ام كلثوم في متحف الشمع في بيروت


تمثال كاسترو في متحف الشمع في بيروت


تمثال جبران خليل جبران في متحف الشمع في بيروت


المقام العراقي في المتحف البغدادي

احتفالات زكريا في المتحف البغدادي



النداف في المتحف البغدادي

ويوجد متحف شمع عربي اخر مهم هو متحف الشمع بحلوان بمصر . ويضم هذا المتحف مقتنيات نادرة تروي مراحل تطور التاريخ المصري ، بداية من الفراعنة وصولا إلى العصر الحديث . ويحتوي المتحف على تماثيل شمعية صنعت بدقة متناهية دفعت متخصصين إلى اختياره في المركز الثاني لأشهر المتاحف الشمعية في العالم بعد متاحف مدام توسو . ويرجع تاريخ إنشاء متحف الشمع في مصر إلى العام 1934 وكان الهدف من انشائه هو محاولة لتجسيد الأحداث التاريخية المصرية ، وإبراز أهميتها على المستويين العربي والعالمي . ويضم المتحف 116الكثير من التماثل والمشاهد التي تحكي تاريخ مصر، بدءاً من الأسرة 18 الفرعونية ، حتى ثورة 23 يوليو/تموز ، وتعطي تماثيل هذا المتحف المصنوعة من مادة الشمع انطباعاً للمشاهد بأنه أمام شخصيات من لحم ودم  .



منظر فرعوني في متحف الشمع بحلوان



الرقص الشعبي المصري في متحف الشمع بحلوان

5- الشخصيات العربية في متاحف الشمع :
منذ اواسط القرن الماضي بدأت تظهر في متحف الشمع - مدام توسو في لندن تماثيل لشخصيات عربية . ومن المناسب القول بان وجود تمثال لشخصية ما في متحف الشمع يؤشر بان تلك الشخصية اصبح لها وقع وصيت عالمي وتأثير مهم في الاحداث الدولية , سواء ان كان هذا التأثير سلبي ام ايجابي . كانت اول شخصية عربية صار لها حضور في ذلك المتحف هو الرئيس المصري جمال عبد الناصر حيث صنع له تمثال ووضع في قاعة الرؤساء بالمتحف بداية الستينات من القرن الماضي  . وكعادته في رفع التماثيل التي تغيب عن ساحة الاحداث فان المتحف فعل ذات الشيء مع الشخصيات العربية حيث كان يرفع اي تمثال يقل الاهتمام به ليضع بدله تمثال لشخصية اكثر حضورا على ساحة الاحداث في ظرف معين . لذلك نجد بان متحف الشمع رفع تمثال جمال عبد الناصر في اوائل السبعينات ووضع بدله تمثال الرئيس انور السادات , وقام بنفس الشيء مع هذا الاخير حيث رفعه في اواخر الثمانينات ووضع بدله تمثال الرئيس حسني مبارك . ثم تبع هذه الشخصيات صنع تماثيل لشخصيات عربية اخرى مثل الرئيس العراقي صدام حسين والرئيس الليبي معمر القذافي والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات  .



تمثال الرئيس العراقي صدام حسين في متحف الشمع بلندن



تمثال الرئيس العراقي الاسبق صدام حسين في متحف الشمع بهونغ كونغ


اعدام الرئيس العراقي في متحف الشمع في بومباي



شخصيات عربية في متحف الشمع بلندن

وكما كان للشخصيات العربية حضور في مجموعة متاحف مدام توسود فأن لهم  حضور أقوى في المتاحف العربية المحلية المشابهة  , كما هو الحال في متحف الشمع في بيروت (متحف المشاهير) ومتحف الشمع في حلوان بمصر  .



الرئيس العراقي صدام حسين في متحف الشمع ببيروت



الرئيس عرفات بمتحف الشمع ببيروت


الملك حسين في متحف الشمع ببيروت


تمثال الرئيس جمال عبد الناصر في متحف الشمع ببيروت


الرئيس جمال عبد الناصر يحي الجماهير في متحف الشمع بحلوان

6- نظرة تاريخية :
في الفقرة الاخيرة من هذا التحقيق سنقوم بعرض بعض الصور التاريخية المتوفرة عن متحف الشمع - مدام توسو  والتي ربما لم يعد لتماثيلها وجود . وكما بينا سابقا فان متحف الشمع يجدد نفسه باستمرار من خلال رفع التماثل القديمة ووضع بدلها تماثيل جديدة . وحتى بالنسبة للشخصية الواحدة فان تمثالها قد يرفع ويستعاض عنه بتمثال جديد لنفس الشحصية . والتماثيل المرفوعة غالبا ما تتعرض للتذويب من اجل اعادة الاستخدام . وحتى المظاهر العامة للقاعات فانها تتغير ايضا ويعاد اخراجها بعد كل مدة بشكل مختلف كطريقة للتجديد وجذب المزيد من المشاهدين . وتختلف المتاحف العربية الممثالة عن متحف مدام توسو في هذا الشأن , فلو اخذنا المتحف البغدادي مثلا كجالة من اجل المقارنة لوجدناه لم يتغير في ما يعرضه منذ ان تاسس قبل اكثر من ثلاثين عاما حتى يومنا هذا .

في الماضي كان التصوير ممنوعا في متاحف الشمع لسببين اولهما انه كان يظن بان فلاش التصوير قد يضر بالتماثيل المعروضة , والسبب الثاني هو مادي الغرض منه منع انتشار الصور وشيوعها على اعتبار ان هذا يؤثر ربما على عدد الزائرين للمتحف . لذلك فان ما متوفر من صور تاريخية عن معروضات المتحف القديمة قليل نسبيا . اما في العصر الحديث فقد سمح بالتصوير , ليس هذا فقط بل اخذ يشجع عليه . ومما انذكره في زيارتي الاخيرة لمتحف مدام توسو في نيويورك بان الموظفة المسؤولة شجعتنا ونحن نغادر المتحف بان ننشر الصور التي اخذناها في كل مكان وخصوصا في الانترنت كنوع من الدعاية للمتحف .

وفيما يلي بعض الصور التاريخية للتماثيل التي كانت معروضة في الماضي في متحف مدام توسو  :


صورة لتمثال ادولف هتلر ملطخ بالدماء عام 1933


صورة لتماثيل قديمة في متحف الشمع فيها العالم اينشتاين


تنظيف رأس تمثال ستالين عام 1930


تمثال قديم للمخرج ألفريد هتشكوك


صنع رؤوس لتماثيل كنيدي وخروتشوف عام 1961


تمثال الرئيس الامريكي نكسون


تصوير فنانات وهن يصنعن تماثيل لمتحف الشمع عام 1928


تمثال جون كنيدي رئيس الولايات المتحدة


تحميل تماثيل في شاحنة بعد صنعها لكي تعرض في متحف الشمع عام 1928



تمثال مارغريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا


رؤوس شمعية لتماثيل مختلفة تنتظر اعاد استعمالها او تذويبها


برنارد توسو أحد احفاد مدام توسو وهو يحمل راسين لتماثيل الملك هيلاسيلاسي والدكتاتور الايطالي موسوليني


وفي الختام نتمنى ان يكون هذه العرض قد قدم فكرة للقاريء الكريم عن متحف الشمع  -مدام توسو بفروعه المنتشرة حول العالم وعن بعض المتاحف المماثلة , متمنين لكم مشاهدة ممتعة .

وسام الشالجي