قالوا: كان العراق
"الجمهوري" اشبه بأناء خزف متنوع الألوان ,
موضوعا على طاولة هذا
العالم . تعرضت الطاولة الى هزات وأرتجاجات طيلة عقود من الزمن ,
وانتهت الحكاية بأن
تلاشت اضلاع الطاولة وسقط الأناء من علو وتناثرت اجزاءه أعقاب الأحتلال في 2003 !!
وأقول: كان الاناء
الخزفي المتنوع الالوان الذي سقط وتكسر وتناثرت اجزائه قد تحول مع الزمن الى اناء
اثري مما تطلب لأيجاد بديل له ان نبحث في محلات الانتيكات . بعد بحث مضني وجهد
جهيد لم نعثر على شبيه يطابق الاناء المكسور , لكننا وجدنا اناء قريب منه لحد ما ,
لكن بعد وضعه على الطاولة بمدة عاد وسقط وتناثرت اجزائه مرة اخرى . عاودنا البحث
مرة ثانية فلم نجد اناء شبيه بالاول ولا بالثاني مما دفعنا ان نختار اناء جديد لا
يشبهما لكن فيه شيء ولو بسيط منهما . تكررت العملية مرة ثالثة ورابعة حتى اصبح
الاناء الذي جلبناه اخر مرة لا يشبه ابدا الاناء الاول بل بعيد عنه كل البعد لكنه
انكسر ايضا بالرغم من صموده لفترة تجاوزت كثيرا مدة بقاء سابقيه . دفعنا كثرة تكرر
الامر لان نكتشف بان العيب الذي يسبب كسر الاناء بكل مرة هو بالطاولة التي لم تعد
تصلح لوضع اي اناء عليها لكثرة تثلمها واعوجاج ارجلها . اخذنا الطاولة للنجار
لاصلاحها فكشف عليها وقال لنا بان خشب هذه الطاولة قديم واثري ولا يوجد منه الان ,
ونصحنا ان نصنع طاولة جديدة وان نأخذ الطاولة القديمة ونستعملها كحطب لحمامنا
الحجري او لتنور الخبز الموجود في دارنا . لم ترق لنا نصيحة النجار وعدنا بطاولتنا
العزيزة على قلبنا والحزن يملئنا من دون ان نعرف ماذا سنفعل لكي نعيد الحال الى ما
كان عليه . ركنا الطاولة جانبا وتناسينا امرها بأمل ان نجد في يوم من الايام حل
لها وللاناء الذي كان عليها . مر الزمن وانشغلنا بشؤون اخرى , لكن رائحة خشب
الطاولة القديمة الاثري جلبت كما يبدو حشرة الارضة واخذت تأكلها , ثم انتشرت منها
الى كل اجزاء المنزل وراحت تأكل اثاث بيتنا الخشبي ونحن بغفلة مما يجري . وحين
انتبهنا لما حصل كان الحال قد ساء الى درجة جعلت البيت كله موبوء وأيل للسقوط فلم
يبقى امامنا غير ان نلملم ما سلم من تلك الحشرة اللعينة ونهرب به الى بيت جديد
وبعيد متأملين بان نعثر على مسكن جديد ونحظى بحال افضل مما مر بنا . هذه حكايتنا مع
العراق "الجمهوري" التي انتهت بفقدان الاناء الخزفي وتحطم الطاولة ثم
تدمير البيت بكل ما فيه وهجولتنا في شتى ديار الأرض .
وسام الشالجي
28 أب 2016