العقل البشري هو معجزة من معجزات الله بقدراته وإمكانياته وأعاجيبه . ومن
الصفات الخاصة بالدماغ هي قدرته على تعليق بعض الاشياء في تلافيفه حتى تصبح
وكأنها لواصق يصعب أنتزاعها منه . ومن بين تلك الاشياء التي يمكن أن تعلق
بالمخ كلمات أو جمل يستمر الأنسان بترديدها وكأنها ترنيمة تتكرر بوعي أو
حتى من غير وعي . وأنا كأنسان علقت بذهني منذ ان نشأت بهذه الحياة ومضيت
بمسيرتي فيها كلمات وجمل أستمريت بترديدها لفترات طويلة . بعض هذه الكلمات
والجمل اخذت حيزا لا بأس به بين ايام حياتي ثم غابت فجأة لتحل محلها مقاطع
جديدة ، بل أن بعضها أستمر دون توقف حتى اليوم . واللطيف ان معظم هذه
المقاطع تحمل بين جنباتها شيء من الدعابة ، وكثيرا ما كانت تثير الضحك في
نفوس اصدقائي الذين دأبوا على سماعها مني حين تقال بشكل يتوافق مع الظرف
الذي نمر به في لحظة ما . ان هذا الامر موجود لدى معظم الناس لاني شخصيا
وجدته ولمسته عند الكثير من الاشخاص الذين اعرفهم ، فهم عادة يكررون نطق
عبارة معينة او كلمة خاصة بكثرة بين جنبات احاديثهم وكلامهم حتى تكاد ان
تصبح علامة فارقة بهم .
ان الكلمات والمقاطع التي دأبت على ترديدها معروفة لاصدقائي الذين عاشروني ، وساحاول هنا ان اذكر نفسي واذكرهم بها لانها كانت في فترات ما جزء مني بما يشبه الباج الذي يعلق على الصدور , كما صارت هي نفسها كالأصرة التي تربطني بهؤلاء الاصدقاء الاحبة . فخلال ايام الكلية كنت كثيرا ما اردد عبارة "اذا وكيلك حجي فيزي تعال اخذ مرة من (...؟...)" ، والكلمة الناقصة والمؤشرة بالعلامة (؟) لم اذكرها هنا متعمدا لاني وجدت بأن من غير اللائق ذكرها , لكن أصدقائي الذين سمعوها مني يعرفونها جيدا . كنت أطلق هذه العبارة بتغيير كلمة (مرة) , أي أمرأة الى أي شيء اخر يتوافق مع الحالة التي أنا بصددها . وخلال خدمتي العسكرية الاساسية كنت كثيرا ما أردد في وحدتي العسكرية كلمة (بالضبـــــــــــــــــــــــــــــــــــط) بتطويل حرف الباء كثيرا , حيث كنت أصف بها أي شيء أسمعه وأريد أن أثير المزاح حوله . وبعد تعييني بالوظيفة صرت أردد كلمة (بيها الخير) كثيرا لأسخر بها بشكل مبطن من الاشياء الغريبة التي تحدث في واقعنا اليومي . وحين كبرت وتقدمت بالعمر كنت دائما أصف أي شيء جميل يعجبني بأنه شيء (عالي جناب) . الكلمة التي استمرت اطول وقت في حياتي ولم أتوقف عن ترديدها منذ شبابي حتى اليوم هي كلمة (أنكس) التي اقتبستها من عديلي رحمه الله , ودائما ما استعملها وأرددها بصوت خفي لكي أبدي أستغرابي من شيء ما يحدث حولي .
ومن اللواصق الأخرى التي تعلق بالدماغ هي الاغاني التي تبقى تعزف بالاذن وكأنها اسطوانة ثابتة لا تغادر الابرة موقعها فيها أبدا . تسمى هذه الحالة بـ "دودة الاذن" لأنها تشبه بصفتها الدودة التي تدخل للدماغ عن طريق الاذن وتظل فيه الى ماشاء الله . ليس من الضروري ان تكون الاغنية شهيرة او حلوة او جديدة لكي تعلق بالدماغ , لكن كما يبدوا أن لكلماتها أو ألحانها تاثيرات معينة تتوافق مع الدماغ بشكل ما فتظل تكرر نفسها فيه وكأنه يسمعها فعلا . كما أن الاغنية الدودة يمكن أن تستمر بالعزف بالاذن طوال يوم كامل دون توقف , أو حتى أيام عديدة . وفي حالتي أنا فأن هذه الحالة تحدث معي بأستمرار بشكل غريب , وهناك أغاني منسية ومفقودة لم اسمعها ربما منذ أكثر من أربعين عاما ومع ذلك تأتي وتصبح كالدودة في أذني من وقت لأخر . وقبل عدة ايام حصلت معي هذه الحالة حيث سمعت وأنا اقود سيارتي أغنية لليلى مراد مسجلة على اليو أس بي هي اغنية (معادنا بكرة الساعة خمسة) . هذه الاغنية عادية بكل شيء وليست متفوقة على غيرها من الاغاني أبدا ومع ذلك ظلت تتردد بمخي لعدة أيام , حتى أني كنت أسمعها تطنطن باذني حتى حين كنت أصحو من نومي بالليل للذهاب الى الحمام . عجيب هو هذا الدماغ البشري وعجيبة هي فعالياته وظواهره , فتبارك المولى الذي صنعه وجعل الانسان يختلف به عن كل المخلوقات الاخرى .
وسام الشالجي
3 تشرين أول (أكتوبر) 2018
ان الكلمات والمقاطع التي دأبت على ترديدها معروفة لاصدقائي الذين عاشروني ، وساحاول هنا ان اذكر نفسي واذكرهم بها لانها كانت في فترات ما جزء مني بما يشبه الباج الذي يعلق على الصدور , كما صارت هي نفسها كالأصرة التي تربطني بهؤلاء الاصدقاء الاحبة . فخلال ايام الكلية كنت كثيرا ما اردد عبارة "اذا وكيلك حجي فيزي تعال اخذ مرة من (...؟...)" ، والكلمة الناقصة والمؤشرة بالعلامة (؟) لم اذكرها هنا متعمدا لاني وجدت بأن من غير اللائق ذكرها , لكن أصدقائي الذين سمعوها مني يعرفونها جيدا . كنت أطلق هذه العبارة بتغيير كلمة (مرة) , أي أمرأة الى أي شيء اخر يتوافق مع الحالة التي أنا بصددها . وخلال خدمتي العسكرية الاساسية كنت كثيرا ما أردد في وحدتي العسكرية كلمة (بالضبـــــــــــــــــــــــــــــــــــط) بتطويل حرف الباء كثيرا , حيث كنت أصف بها أي شيء أسمعه وأريد أن أثير المزاح حوله . وبعد تعييني بالوظيفة صرت أردد كلمة (بيها الخير) كثيرا لأسخر بها بشكل مبطن من الاشياء الغريبة التي تحدث في واقعنا اليومي . وحين كبرت وتقدمت بالعمر كنت دائما أصف أي شيء جميل يعجبني بأنه شيء (عالي جناب) . الكلمة التي استمرت اطول وقت في حياتي ولم أتوقف عن ترديدها منذ شبابي حتى اليوم هي كلمة (أنكس) التي اقتبستها من عديلي رحمه الله , ودائما ما استعملها وأرددها بصوت خفي لكي أبدي أستغرابي من شيء ما يحدث حولي .
ومن اللواصق الأخرى التي تعلق بالدماغ هي الاغاني التي تبقى تعزف بالاذن وكأنها اسطوانة ثابتة لا تغادر الابرة موقعها فيها أبدا . تسمى هذه الحالة بـ "دودة الاذن" لأنها تشبه بصفتها الدودة التي تدخل للدماغ عن طريق الاذن وتظل فيه الى ماشاء الله . ليس من الضروري ان تكون الاغنية شهيرة او حلوة او جديدة لكي تعلق بالدماغ , لكن كما يبدوا أن لكلماتها أو ألحانها تاثيرات معينة تتوافق مع الدماغ بشكل ما فتظل تكرر نفسها فيه وكأنه يسمعها فعلا . كما أن الاغنية الدودة يمكن أن تستمر بالعزف بالاذن طوال يوم كامل دون توقف , أو حتى أيام عديدة . وفي حالتي أنا فأن هذه الحالة تحدث معي بأستمرار بشكل غريب , وهناك أغاني منسية ومفقودة لم اسمعها ربما منذ أكثر من أربعين عاما ومع ذلك تأتي وتصبح كالدودة في أذني من وقت لأخر . وقبل عدة ايام حصلت معي هذه الحالة حيث سمعت وأنا اقود سيارتي أغنية لليلى مراد مسجلة على اليو أس بي هي اغنية (معادنا بكرة الساعة خمسة) . هذه الاغنية عادية بكل شيء وليست متفوقة على غيرها من الاغاني أبدا ومع ذلك ظلت تتردد بمخي لعدة أيام , حتى أني كنت أسمعها تطنطن باذني حتى حين كنت أصحو من نومي بالليل للذهاب الى الحمام . عجيب هو هذا الدماغ البشري وعجيبة هي فعالياته وظواهره , فتبارك المولى الذي صنعه وجعل الانسان يختلف به عن كل المخلوقات الاخرى .
وسام الشالجي
3 تشرين أول (أكتوبر) 2018