يكثر الحديث عن دور الزعيم عبد الكريم قاسم والعقيد
الركن عبد السلام عارف في ابادة العائلة المالكة العراقية وقتل الملك فيصل الثاني
اثناء حركة 14 تموز عام 1958 ويتهمهما الكثيرين في انهما قد اصدرا الاوامر بقتل
الملك فيصل وبقية افراد عائلته . وللامانة التاريخية يقتضي الحال تبيان حقيقة اكيدة
يجب ان نتقبلها ونعتمدها وان نترك خلفنا كل ما يغايرها لان ليس لأحد مصلحة في
تزوير التاريخ وتغيير حقائقه لمجرد وجود اسباب عاطفية او شخصية من حبه وكره .
ليس لعبد الكريم قاسم ولا لعبد السلام عارف يد مباشرة
في مقتل الملك فيصل الثاني او اي من افراد اسرته , ولا حتى في قتل نوري السعيد او
اي شخص من رجال العهد الملكي . لم يكن في نية قادة حركة 14 تموز ولا قادة تنظيم
الضباط الاحرار تصفية العائلة المالكة العراقية او قتل اي من رجال العهد الملكي بطريقة
خارجة عن القانون . كانت النية تتجه نحو تسفير الملك فيصل الثاني وبقية افراد
اسرته الى الخارج مباشرة على اساس ان لا يد له في ادارة الحكم بالعراق . كان هذا
مثبتا في كل اجتماعات حركة الضباط الاحرار , وحتى في الاجتماعات الشخصية التي جرت
بين الزعيم عبد الكريم قاسم والعقيد الركن عبد السلام عارف قبل قيام حركة 14 تموز
عام 1958 . وباستثناء
الملك كانت النية تتجه الى القبض على ولي العهد الامير عبد الاله وكذلك رئيس
الوزراء نوري السعيد ومحاكمتهما محاكمة عادلة عن ما كان يعتبر جرائم في حق الشعب
العراقي , وبالذات عن تصفية قادة حركة مايس عام 1941 وقادة الحزب الشيوعي العراقي
عام 1948 , وكذلك عقد اتفاقيات جائرة مع بريطانيا اضرت بمصالح العراق . ومع ذلك ,
لم يكن قادة الحركة يبالون او يمانعون من تصفية جميع الثلاثة الكبار (الملك فيصل
الثاني , الامير عبد الاله , الباشا نوري السعيد) واي شخص اخر اذا اقتضى نجاح
الحركة ذلك .
غير ان دخول الرئيس (النقيب) عبد الستار سبع العبوسي الذي هو ليس من المخططين للحركة ولا من الضباط الاحرار على المشهد بصورة غير منتظرة وغير متوقعة غير من كل ما اتفق عليه سابقا ودفع في مجريات الاحداث الى طريق غير مرسوم مسبقا . لقد قام هذا الاخير وبقرار فردي وشخصي بتصفية العائلة المالكة العراقية برمتها عن طريق اعدامهم بشكل جماعي بعد ان اطلق النار عليهم من غدارته التي كان يحملها , بالرغم من ان هؤلاء كانوا عزل وغير مسلحين وقد استسلموا للمهاجمين بصورة طوعية . وبعد بدأ اطلاق النار قام جميع افراد القوة المهاجمة لقصر الرحاب بالمشاركة بالجريمة بالرغم من اوامر العقيد عبد السلام عارف كانت تقضي بعدم قتل الملك ولا اي شخص أخر الا اذا قاوموا الحركة وتصدوا لها بالقوة . كان هؤلاء قد ظنوا بان عبد الستار العبوسي قد استلم امرا مباشرا من قادة الحركة بتصفية العائلة المالكة لذلك فقد شاركوه بالجريمة دون ان يعوا حقيقة الامر . لهذا فأن المسؤولية الكاملة عن حادثة القتل الفعلي كانت تقع على رقبة هذا الضابط المجنون والمتهور التي شائت الاقدار بان يحضر بالصدفة الى الموقع وان يسير الامور وفق مشيئته .
ومع ذلك علينا ان لا نعفي الزعيم عبد الكريم قاسم ولا
العقيد عبد السلام عارف في كونهما قد هيئا الظروف والاسباب لوقوع حادثة القتل
الشنيعة , فلولا
هؤلاء ودورهما في تنفيذ الحركة صبيحة ذلك اليوم المشؤوم , وكذلك دعوات عبد السلام
عارف وندائاته من الراديو للجيش والجماهير للتدخل لانقاذ الثورة والمشاركة بالهجوم
على قصر الرحاب لما جاء مثل هذا الضابط المجرم الى الموقع ولا في اقترافه لجريمة
القتل . لذلك يعتبر الزعيم عبد الكريم قاسم والعقيد عبد السلام عارف مسببان غير
مباشرين في وقوع جريمة القتل , ولكنهما لم يكونا ابدا القاتلين المباشرين ولا من اصدر الاوامر
لوقوع هذا الحادث .
وسام الشالجي
14 تموز 2016