اخر المواضيع في المدونة

الجمعة، 30 يوليو 2021

خاطرة بالاسود والابيض - متى بدأت احتفل بعيد ميلادي

ليس غريبا ان تنتاب المرء بعض مشاعر الحزن عند مجيء عيد ميلاده , خصوصا في الاعمار المتقدمة لانه يكون قد طوى عاما اخرا من عمره المحدود في السنين والاعوام , لكن تهاني المحبين وعبارات المحبة والشجون التي ترده وهدايا المعارف والاصدقاء تنسيه مثل هذا الحزن وتحول يومه الى يوم فرح وبهجة وسرور . ان هذا ربما هو السر وراء الاهتمام بالاحتفال بمناسبة عيد الميلاد , لذلك يحرص الناس على حضور مثل هذه المناسبة وتقديم التهاني والهدايا تعبيرا عن مشاعر الحب والتقدير , ولجعل المناسبة عامل دفع نحو الاقبال على الحياة وعيشها بتفاؤل واقدام . الكثير منا , نحن جيل الخمسينات والستينات لم نحتفل بصغرنا بهذه المناسبة لانها لم تكن قد ترسخت بالمجتمع في تلك الاوقات . وانا شخصيا لم اعرف في أول حياتي شيء اسمه (عيد ميلاد) ولا سمعت بالأحتفال بهذه المناسبة . لكن حين انتقل والدي للعمل في شركة النفط بالبصرة وعشنا هناك في مطلع الستينات بدأت احضر بعض احتفالات الاولاد بعيد الميلاد هناك . أول من حضرت حفلة عيد ميلاده هو صديقي (نبيل ابراهيم الالوسي) الذي كان اهله يهتمون كثيرا بأقامة حفلة عيد ميلاد له لانه كان طفلا مدللا لكونه الولد الوحيد لهم . ومن المضحك هو انني حين اجتمعت مع غيري من الاولاد حوله لنغني له الاغنية الشائعة قبل قطع الكيكة لم اكن اعرف ما يجب ان اقول , لكني سمعت ما يردده الاخرين وصرت اردد مثلهم فكنت اقول (هبي بردة يويو) من دون ان عرف معنى هذه الكلمات لاني لم اكن اعرف اصلا كلمة (برثداي) باللغة الانكليزية . وفي السنوات التالية حضرت العديد من حفلات لاعياد الميلاد , بل ان بعض تلك الحفلات كانت تقام في دارنا لاخوتي الصغار , لكن لم يعمل لي احد قط حفلة عيد ميلاد خاصة بي . ليس هذا فقط بل ان يوم عيد ميلادي نفسه كان مجهولا , وحين كنت استفسر من اهلي عنه كانت تردني اجابات متباينة ومتناقضة في اليوم والشهر وحتى في السنة . وحين دخلت المدرسة واحتجت لدفتر نفوس (جنسية) كلف والدي ابن عمي في بغداد بعمل واحدة لي , وقد سجل هذا يوم ميلادي في الجنسية باجتهاد منه على أنه في الاول من أب . لكني حين كبرت وفهمت معنى واهمية مثل هذه المناسبة أخذت اتقصى عن يوم مولدي الحقيقي من الاهل والمعارف , فعرفت اولا بانه كان في شهر تشرين الثاني . ثم تقصيت اكثر ودققت فاتفقت الاراء على انه في يوم 23 منه فثبت عندي هذا التاريخ . وحين دخلت للكلية كان يوم الثالث والعشرين من تشرين الثاني مناسبة عامة  يحتفل بها كل عام كعيد للطالب , فاصبحت اعتبر مثل هذا الاحتفال وكأنه احتفال عام بيوم عيد ميلادي .
وحين تزوجت اصبحت زوجتي الحبيبة تهتم كثيرا بمثل هذه المناسبة وصرنا نحتفل بها كل عام , وصارت تجلب لي الهدايا بهذه المناسبة . وبعد مجيء اولادي صار الاحتفال باعياد ميلادهم عرفا عائليا نهتم به لاقصى درجات الاهتمام ونقيم حفلات كبيرة ندعوا بها الكثير من الاهل والمعارف والاصدقاء , وكاننا كنا نريد ان نعوض ما فاتنا بطفولتنا وصغرنا من احتفال بمثل هذه المناسبة . ومنذ زواجي ولحد اليوم دأبنا انا وزوجتي , على الاحتفال بعيد ميلادينا والذي يصادف في نفس الشهر حتى وان كنا لوحدنا . ومن الاعراف التي كنا نعملها ولازلنا , وربما هي خاصة بنا هي ان نغني اغنية الميلاد ونطفيء الشموع لثلاث مرات متتالية , وكنا نحرص على عدم تغيير هذا العرف ابدا . ومن اجمل ما كان يحصل بمثل هذه المناسبات هو مجيء اختي الحبيبة سهام الى حفلة الميلاد , سواء ان كانت لي او لاحد من افراد اسرتي , وكانت كعادتها تصل للحفلة متأخرة وقبل دقائق من قطع الكيكة , لكن ما ان تحضر حتى تضيف للحدث وقعا مثيرا بهلاهلها واغانيها . وحين اصبحنا بديار الغربة وابتعدنا عن بعضنا كانت تحرص على الاتصال هاتفيا بمناسبة عيد ميلاد اي منا لتقدم تهاني خاصة ومباشرة تضيف للمناسبة مشاعر غامرة تملأ المناسبة فرحا وسعادة . وكم كانت تفرح حين نخبرها بالهاتف بان الاحتفال ليس له طعم وحلاوة من دون اغانيها وهلاهلها . وتمر السنون وتتقدم الاعمار لكن تبقى مناسبة (عيد الميلاد) حدثا كبيرا في تاريخنا الشخصي نحرص كل الحرص على اقامته والاهتمام به مهما كانت الظروف والاحوال .

وسام الشالجي
23 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015