اخر المواضيع في المدونة

الخميس، 2 يوليو 2015

خواطر من الوجدان - المصارحة

ما من شاب درس بالكلية لم يخفق قلبه تجاه واحدة من الطالبات ممن ترضي ما في نفسه من اهواء وتجسد كل او بعض ما يتخيله في فتاة احلامه . اتحدث بهذا عن الشبان وانا لا يعتريني شك بان الامر هو مماثل ايضا بالنسبة للشابات من طالبات الكلية . وبعد ان يخفق القلب مؤشرا على الحبيبة المحتملة يبدأ الشاب في السباحة ببحر الاحلام متخيلا العلاقة القادمة والزواج الذي سيعقبها والحياة السعيدة الرغيدة التي سيصلها في خاتمة المطاف . وقد يحدث ان يبوح اخينا بمشاعره الى المقربين من اصحابه , او قد يحدث بان هؤلاء يستشعرون بذلك من غير ان يخبرهم , اما من نظراته وتصرفاته او من حركاته واهتمامته . وسواء ان اباح بما في قلبه لصديق او اكثر , او انكشف امره امامهم من دون اخبار فان الامر يبقى حبيس قلب طرف واحد مالم يتبعه مصارحة وبوح بالمشاعر والاهواء للحبيبة الموعودة . قد يكون الامر سهل بعض الشيء اذا كانت الحبيبة طالبة بنفس الصف , لكنه يصعب كثيرا اذا كانت في صف او فرع اخر . انا اتحدث هنا عن عامة الشبان وليس عن المغامرين , او عن هؤلاء الذين يرون بانفسهم بانهم (دون جوان) عصرهم , ويتصورون بان ما من فتاة يمكن ان تقاوم وسامتهم وفتنتهم وترفض صداقتهم بمجرد ان يخطو خطوة صغيرة نحوها .

قد يحدث ان يستجمع الشاب كل قواه ويتقدم نحو الحبيبة ليصارحها بمشاعره عندها تنتهي المعاناة وينفتح باب السعادة المنتظرة . وقد يحدث ان يبقى الشاب حبيس احلامه واهوائه لسنة او سنتين وحتى ثلاث من دون ان يصارح حبيبته بما يشعره نحوها . وكثيرا ما يتمازح الاصدقاء مع بعضهم حول مسألة (المصارحة) في مثل هذه الحالة حتى يتحول الامر الى دعابة حين يجدون احدهم تمضي به الايام والشهور وحتى السنين دون ان يخطوا خطوة واحدة بهذا المضمار . وقد تنتهي سنوات الدراسة ويغادر الطلاب الكلية من دون ان يصارح شاب ما حبيبته بما في قلبه وهذا بحد ذاته مأساة كبرى تعتبر من اسوأ ما يمكن ان يحدث بحياة المرء , اذ لابد ان يبقى ذلك الشاب يندم على عدم اقدامه على تلك المصارحة طيلة حياته . لكن المأساة الاخرى التي يمكن ان تحدث هي في ان يكتشف الشاب بانه كان في حلم كاذب وان الحبيبة لا تبادله اي مشاعر , بل ربما حتى لم تستشعر به او باهوائه ابدا . واذكر هنا بانه كان معنا شاب من المحافظات (لا اريد ان اذكر اسمه) احب لفترة طويلة طالبة جميلة من فرع اخر (لا اريد ان اذكر اسمها ايضا) وعرفنا نحن اصدقائه بقصة هذا الحب . ظل ذلك الشاب ينتظر لفترة طويلة توفر فرصة لكي يصارح حبيبته بحبه لكن الوقت كان يمضي من غير اي تقدم , حتى اننا كنا نسأله كل فترة "ها .... هل صارحتها ام لا؟" فيجيب بالنفي . وفي احد الايام كنا جالسين بالنادي فاذا بتلك الطالبة تخطف مسرعة من امام باب النادى ثم تصعد السلم الى الاعلى . في تلك اللحظة قال الشاب "لم اعد احتمل .. انا اشعر بان لدي الشجاعة الكافية الان لكي اذهب واكلمها" . نهض الشاب وذهب مسرعا خلف الفتاة , وبعد قليل جاء بغير الوجه الذي ذهب به وعلامات الحزن بادية عليه وجلس معنا وهو يردد بيت شعر كثيرا ما سمعناه: "ردي ردي يالهويتي بلا وجاد ... النوب من تهوين وجدي" . تعجبنا عليه وعلى ما يقول فسألناه عن ما حدث فقال "ذهبت اليها وكانت واقفة بباب احد الصفوف وسلمت عليها وقلت لها (هل تسمحين لي بكلمة صغيرة معك) , فالتفتت الي وصرخت بوجهي باعلى صوتها (لا ما اسمح)" . طيبنا خاطر صديقنا وعزيناه على هذه النتيجة , وبعد فترة علمنا منه بانه كان لديها امتحان ووصلت الى الصف متأخرة فمنعها الاستاذ من الدخول , وهي كانت واقفة في باب الصف حزينة حين جاء صديقنا لمصارحتها . طبعا كان هذا من سوء حظه ومن الاقدار السيئة , وكم من شبابنا من حصل له مثل تلك الاقدار السيئة بسبب سوء الحظ . لكن ايضا كم من الاصدقاء من صادفه حظ جميل ووجد حبيبته تبادله نفس الشعور وارتبط بها بعلاقة استمرت طوال العمر .




وسام الشالجي
2 تموز (يوليو) 2015