اخر المواضيع في المدونة

الاثنين، 8 يونيو 2015

ازرع لنا حنة

يحكى ان مجموعة من الاصدقاء جمعتهم صداقة متينة وعلاقة وثيقة طيلة ايام دراستهم في احدى الكليات , وكانوا كثيرا ما يلتقون بعيدا عن اجواء الدراسة في احدى الحدائق العامة ليتسامرون ويضحكون ويتبادلون الاحاديث حتى ساعة متأخرة من الليل ثم يفترقون ليلتقوا من جديد صباح اليوم التالي في الكلية واجوائها . وفي اخر يوم من ايام دراستهم بالكلية التقوا في نفس الوقت والمكان الذي دأبوا على اللقاء فيه كل مرة وقد علموا بانهم سيتفرقون بهذه الحياة وسيذهبون في مسالك مختلفة , لذلك عقدوا اتفاقا بان يلتقوا بنفس ذلك التاريخ والموعد كل عام , وتعاهدوا بان لا يخلفوه ابدا طيلة ايام حياتهم . مرت السنون والاصدقاء محافظين على عهدهم ومواظبين على اللقاء مستذكرين في كل مرة ايامهم السابقة بالكلية واحاديث الشباب واللهو وعدم المسؤولية حتى يجدون انفسهم وقد عادوا الى نفس ما كانوا عليه من حيوية وتألق . مرت مدة طويلة وهم على نفس العهد الذي اتفقوا عليه , وكم صادف ان يلتقوا ليجدوا بان احد زملائهم قد غادرهم الى غير رجعة فيحزنون قليلا ويستذكرونه معا ثم يعودون الى احياء اللقاء كما يفعلون كل مرة . وفي احد تلك اللقاءات بعد عقود من ايام دراستهم بالكلية مر بهم فلاح يعمل مزارعا بتلك الحديقة فاذا باحدهم يهتف به مناديا وهو ينظر الى ما تبقى من زملائه وقد انحنت رؤوسهم وتقوست ظهورهم وابيض شعرهم وقال له بصوت جميل :
يالزارع البزرنكوش ازرع لنا حنة