قصة قصيرة - مع
الاعتذار عن جميع التشبيهات
بقلم
وسام الشالجي
كان يا ما كان في قديم الزمان أرضا تدعى
(حمران) تقع وسط الغابة , حباها الله بشتى انواع الخير والنعم . فأرض حمران شديدة
الخصوبة , والمياه تنبع منها طبيعيا في عيون تتدفق من شمالها الغربي وتنساب في
سواقي وجداول نحو الجنوب لتصب في بحيرة كبيرة بها شتى انواع الاسماك , وتعيش فيها
اشكال الطيور . وعدا تلك الجداول فان الامطار تهطل علي ارض حمران طيلة ايام السنة حتى
جعلتها جنة زاهية وحديقة غناء . وتعيش في هذه الحديقة ثلاثة قطعان من الحمير ,
قطيع حمير ابيض اللون مخطط بخطوط سوداء يرتكن في جنوب تلك الارض , وقطيع حمير اسود
اللون مخطط بخطوط بيضاء يعيش بالمنطقة الشمالية الغربية , بينما هناك قطيع حمير
رمادية اللون تسكن في المنطقة الشمالية الشرقية . كان من الصعب جدا التفريق بين
قطيعي حمير المنطقة الجنوبية وحمير المنطقة الشمالية الغربية . الوسيلة الوحيدة
التي كان يمكن بها تمييزهما هي في لون الانف , فأنف القطيع الجنوبي كان ابيض اللون
, بينما لون أنف القطيع الشمالي الغربي كان اسود اللون . ولسوء الأقدار , كانت
تحيط بتلك الجنة الغناء من جميع الجهات اراضي تعيش فيها قطعان من الذئاب تعتاش على
افتراس الحيوانات الوحيدة والضعيفة والتائهة .
وكانت حمير حمران تقتات على البرسيم الكثيف
الذي ينموا بصورة طبيعية في تلك الارض , لكنها كانت تختلف فيما بينها في نوع ما
تأكله . فالقطيع الابيض المخطط باللون الاسود كان يأكل البرسيم الأخضر , بينما
القطيع الاسود المخطط باللون الابيض فلا يأكل البرسيم الا بعد ان يصفر . اما
القطيع الرمادي فكان يأكل كلا النوعين من البرسيم اخضره واصفره . ومن حسن الحظ ان
الله جعل تلك الجنة يتوفر فيها كلا نوعي البرسيم طيلة ايام السنة . فحين يكون
البرسيم مخضرا في الجنوب يكون قد اصفر بالشمال , وحين يكون مخضرا في الشمال يكون
قد اصفر بالجنوب . كانت هذه ميزة فريدة من
ميزات تلك الجنة بحيث جعلت الطعام متوفرا لمن يسكنها من الحمير طيلة ايام السنة من
غير عناء . وكانت قطعان الحمير الثلاثة تعيش متألفة ومتحابة مما كان يمكنها من
الرعي واقتيات البرسيم الذي تحبه في اي منطقة من تلك الارض , كما انها كانت متضامنة
تساند بعضها البعض عند اقتراب اي ذئب مفترس من ارضها . فبمجرد ان ينهق احدها , سواء
ان كان بالشمال او الجنوب مشعرا البقية باقتراب خطر ما حتى تهب جميع حمير القطعان
الثلاثة وتتراصف مشكلة سدا منيعا للدفاع عن مأواها اولا وعن الحمار الذي اقترب منه
الخطر ثانيا , تنتقل بعدها الى الهجوم من خلال تشكيل رأس حربة تهجم به بكل جموعها
على الذئب المتقرب منها وتدوسه بحوافرها حتى يموت . كان هذا الحال يجعل من الذئاب
لا تفكر يوما في الاقتراب من أرض حمران لانها تعرف بان الموت سيكون مصيرها .
عاشت الحمير في جنة حمران بهذا الوضع سنين
طويلة تنعم بما انعم به الله عليها من نعم . في يوم من الأيام لاحظ احد الذئاب
الذكية حمار من القطيع الشمالي الغربي يرعى في المنطقة الجنوبية من أرض حمران
وبالقرب منه بعض حمير القطيع الجنوبي . فكر الذئب بخطة ذكية اراد ان يجربها علها
تجعله يغنم صيدا ثمينا . اقترب بحذر من احد حمير القطيع الجنوبي وقال له
-
انا اتعجب كيف تسمح لهذا الحمار ذو الانف
الاسود بالأكل من ارضكم
-
ماذا تقصد
-
انظر الى شكله القبيح بهذا الانف الاسود , بينما
انظر كم قطيعكم جميل ورائع بلون انفكم الابيض البديع . انه يشوه منظركم
-
وماذا افعل له
-
انه وحيد بينكم , ساختبأ خلف تلك الشجرة ,
وانت ادعوه الى هنا وبمجرد ان يأتي ساخطفه بسرعة واركض به بعيدا واخلصكم منه
انطلت الحيلة على الحمار الجنوبي , فما كان
منه غير ان صاح بالحمار الشمالي
-
تعال يا صاحبي الى هنا حيث يوجد الكثير من
البرسيم الاصفر الذي تحبه
جاء الحمار ذو الانف الاسود الى حيث دعاه الحمار
ذو الانف الابيض , وبلحظة خاطفة هجم عليه الذئب واطبق فمه على رقبته واخذ يركض به
بعيدا . لم يشعر احد من الحمير المتواجدين بالمنطقة بما حدث , وذهب الجميع بالمساء
الى مناطقهم دون ان يحس احدا بفقدان واحد من الحمير . وبعد مدة لاحظ نفس الذئب
حمارا جنوبيا يرعى في المنطقة الشمالية الغربية لوحده , ففكر ان يعيد تنفيذ فكرته
لكن هذه المرة مع القطيع الشمالي الغربي . نجحت الخطة مرة ثانية وفاز الذئب بصيد
ثمين أخر سيشبعه بعدها لايام وايام . لكن الصيد مهما كان سمينا ودسما لا يمكن ان
يكفي لفترة طويلة مما دفع الذئب الى تجربة حيلته لمرة ثالثة ورابعة وخامسة ومن
مختلف مناطق أرض حمران , والمدهش ان الحيل كانت تنجح في كل مرة بشكل باهر . لم
يبقى الموضوع بعيدا عن الملاحظة , فالقطعان الثلاثة اخذت تلاحظ نقصان عددها
واختفاء بعض افرادها . كما ان الملاحظة قادتهم الى الادراك بان كل حمار يذهب للرعي
في منطقة غير منطقته كان كثيرا ما يختفي ولا يعود . جعل هذا الامر قطعان الحمير
ترتاب ببعضها البعض لاول مرة في حياتها , مما جعلها تلازم اراضيها ولا ترعى في
مناطق غير مناطقها . وحيث ان الطعام لم يكن متوفرا بنوع واحد طيلة ايام السنة ,
فقد ادى تضييق مناطق الرعي الى ان تصبح الحمير محرومة من نوع البرسيم الذي تأكله
لفترة لا بأس بها من الوقت . ومع ذلك فقد اثرت تلك القطعان ان تشعر بالجوع بدلا من
ان تتعرض للخطر وظلت ملازمة لمناطقها .
لاحظ الذئب الذكي ما حصل بين قطعان الحمير
فقرر ان يجرب هذه المرة خطة اخرى اكثر جرأة فجمع بعض جماعته من الذئاب واقترب هذه
المرة بشكل واضح من احد الحمير الذي كان يرعى على حدود ارض حمران . ما ان رأى
الحمار الذئاب حتى اخذ ينهق بكل قوته فتجمع حوله قطيعه من الحمير ليدافع عنه , لكن
القطعان الاخرى لم تستجب للنداء كما كانت تفعل بالسابق . هجم الذئب وجماعته على من
تجمع من الحمير فما كان من القطيع بعد ان شعر بضعفه وهوانه غير ان يتشتت وتفر
جموعه هاربة بكل الاتجاهات وكل واحد يفكر بنجاته . عادت الذئاب الى مخائبها بصيد
ثمين بعد ان افترست ما يكفيها من الحمير . بعد عدة ايام , وبعد ان دب الجوع
بالذئاب مرة اخرى شعر الذئب الذكي بان الوقت اصبح مؤاتيا لان ينفذ ضربته الكبرى فجمع
عدد لا بأس به من الذئاب وتقدم بهم مخترقا ارض حمران من وسطها واستقروا في قلبها
لاول مرة في حياتهم . ظلت قطعان الحمير تنهق في مناطقها لكنها لم تتجمع ولم تشكل
صفا متراصا ورأس حربة كما كانت تفعل بالماضي . ضحكت الذئاب على ما يجري وادركت
بانها قد حققت ما كانت تصبوا اليه منذ وقت طويل , وان فرائسها من الحمير اصبحت الان
امامها ومتوفرة في اي وقت تحتاجها به .
جمع الذئب الكبير الحمير وخطب بهم قائلا
-
انظروا ايها الحمير , من اليوم فصاعدا انا
الحاكم المطلق لأرض حمران , وهؤلاء هم اعواني وجيشي وستنفذون اوامري كما اريد
مقابل ان اسمح لكم بأن ترعوا وتحيوا . كل من يعصى اوامري سيكون مصيره الاكل فورا
من قبلي ومن قبل جنودي . على كل قطيع ان يلتزم منطقته ولا يغادرها ابدا , واذا
وجدت اي حمار في منطقة اخرى سيكون مصيره الاكل فورا .
التزمت قطعان الحمير الثلاثة بالاوامر واخذت
ترعى حصرا بمناطقها . اما الذئب الكبير فقد كان يرسل جنوده كل فترة لجلب مجموعة من
الحمير لكي يكونوا طعاما لهم . لكن هذا الذئب لاحظ بان بعض ما يصطادوه من الحمير
كان يأتيهم هزيلا وليس سمينا كما كانوا في الماضي . أخذ الذئب الذكي يفكر باحثا عن
السبب , وبعد طول تفكير عرف بان عدم توفر البرسيم الذي ياكله كل قطيع طيلة ايام
السنة في اراضيهم هو السبب في ذلك . عندها امر الذئب جماعته في ان يبنوا له مخزنين
كبيرين لحفظ البرسيم , جمع بعدها الحمير وقال لهم
-
من الان فصاعدا لن تأكلوا البرسيم كما تشتهون
وتريدون , بل على كل قطيع ان يعمل لكي يأكل , ومن لا يعمل لن يأكل بل سيأكل . اريد
منكم ان تحصدوا البرسيم الذي ينموا في اراضيكم وتجلبوه لي بالكامل , ومقابل عملكم ساعطيكم
ما يشبعكم من الطعام . ستعملون تحت سياط ومراقبة جنودي , ومن يمد يده لبعض ما
يحصده من البرسيم , حتى وان كان وريقة واحدة سيكون مصيره ان يأكل من قبل الجنود
فورا .
ومنذ ذلك اليوم اخذت قطعان الحمير تعمل بكد طيلة
النهار في حصاد البرسيم والذئاب تراقبهم وتهوي بالسياط على كل من يتراخى منهم
بالعمل . وفي المساء , وبعد يوم مضني من التعب تحمل الحمير ما حصدته على ظهورها وتأتي
به الى الذئب الكبير حيث تودع البرسيم الاخضر في مخزن والبرسيم الاصفر في المخزن
الاخر . وقبل ان يعودوا الى مناطقهم يقوم زعيم الذئاب باعطائهم ما يشبعهم من
البرسيم لكي ياكلوه . عاشت قطعان الحمير الثلاثة بهذا الوضع المزري لسنين طويلة
دون ان يتغير اي شيء , فهي كانت تعمل طيلة النهار تحت المراقبة ولهيب السياط لقاء
ما تأكل . وفي كل عدة ايام يقاد بعضها ليكونوا طعاما للذئب الكبير وبقية الذئاب من
جنوده . كان كل قطيع يرمي السبب في ما أل اليه مصيرهم على القطعان الاخرى مما اشاع
روح الكراهية وتفشت الاحقاد بشكل كبير بينهم . وفي احد الايام جاء الجنود لاقتياد
بعض الحمير ليكونوا طعام ذلك اليوم فما كان من احدها غير ان يفر بسرعة هائلة راكضا
بعيدا عن ارض حمران . فكر الذئاب بلحاقه لكن احدهم صاح بهم
-
مالكم وماله , اتركوه يفر فلدينا الألاف غيره
, هو في كل الاحوال لن ينجوا من مصيره ولابد ان يفترسه احد حيوانات الغابة .
أخذ الحمار الفار يركض ويركض حتى وصل الى
منطقة الاسد الكبير ملك الغابة , وهنا احاطت به بعض الاسود فقال لها وهو يلهث
-
ارجوكم لا تأكلوني , خذوني الى ملك الغابة
فان لدي امرا خطيرا اريد ان اخبره به
اقتادت الاسود الحمار الى الاسد الكبير ,
وحين اصبح بين يديه اخذ يروي له كل ما يجري في منطقة حمران ويطلب منه ان يأتي
وينقذهم من ظلم الذئب الكبير وبطش جنوده من بقية الذئاب . رق قلب الاسد الكبير
لهذا الحمار الذي جازف بحياته حتى وصل اليه وقرر ان يستجيب لدعوته . وفي اليوم
التالي اعد فريقا قويا من جنوده وتقدم بهم الى ارض حمران . لم يكن صعبا على تلك
الاسود القوية في أن تضرب بقوة قطيع الذئاب وتشتت جمعهم وان تجعل من قائدهم الذئب
الاكبر طعاما لملك الغابة في ذلك اليوم . قتل الكثير من الذئاب , ومن كان محظوظا
منهم فر بجلده بعيدا عن ارض حمران .
بعد عدة ايام اراد ملك الغابة العودة الى
ارضه فجمع قطعان الحمير وخطب بهم قائلا
-
لقد وصلت الي شكواكم وما كنتم تعانونه من ظلم
على يد هؤلاء الذئاب وجئت بنفسي مع جنودي لانقذكم وخلصتكم من الذئب الكبير الذي
كان يظلمكم . لن افعل معكم ما كان هذا الذئب يفعله بكم لاني لست محتاجا لا الى
برسيمكم ولا اليكم فان في ارضي ما يكفينا من رزق وطعام . ستكونون من اليوم تحت
حمايتي ولن يجرؤ احد على التعرض اليكم . عودوا كما كنتم بالماضي واختاروا احدكم
ليتزعمكم وعيشوا من الان فصاعدا متألفين ومتحابين كما كنتم بالماضي .
غادر الاسد الكبير وجنوده المنطقة وطلب من أكبر
الحمير سنا ان يتزعمهم لفترة مؤقتة على ان يقرر الحمير بسرعة من يحكمهم . وفي
اليوم التالي جمع هذا الزعيم المؤقت حمير القطعان الثلاثة وطلب منهم ان يختاروا حمار
يتزعمهم . اخذ كل قطيع يرشح واحدا منهم , ولم يقبل اي قطيع بحمار ينتمي الى قطيع أخر
كزعيم لهم . أشتد النقاش والجدال وطال الخلاف دون التوصل الى رأي مشترك , فما كان
من الحمار الكبير بالسن غير ان يشكل مجلس زعامة متكون من ثلاثة حمير كل واحد من
قطيع بدل من اختيار زعيم واحد . كانت اولى قرارات هذا المجلس الغاء العمل والحصاد
الذي كانت الحمير تعمل به , وان يعود الرعي متاحا للجميع في كل ارض حمران كما كان
الوضع بالماضي . فرح الحمير بهذا القرار لكنه في الواقع لم يكن غير حبرا على ورق ,
اذ لم يسمح اي قطيع لأي حمار لا ينتمي اليه بالرعي في منطقته . وحين دب الجوع
بالحمير بسبب عدم توفر ما يأكلونه طيلة ايام السنة اخذت تغير بعضها على بعض طلبا
للطعام . ولاول مرة في تاريخ ارض حمران اخذت تحصل معارك بين قطعان الحمير من اجل
الطعام . وامام هذا الوضع قرر المجلس الرئاسي اعادة نظام العمل وخزن البرسيم في
المخازن التي انشأها الذئاب حلا لمشكلة الرعي . لم يطع معظم الحمير هذا القرار لكن
بعضهم التزم به وعاد الى العمل , ليس من اجل المصلحة العامة لكن بدافع تلافي الجوع
, واخذوا يعملون بالحصاد من جديد ويحملون ما يحصدونه الى المخازن . وهنا ظهرت مشكلة
جديدة أذ لم يكن هناك من يحرس تلك المخازن كما كان الذئاب يحرسونها بالماضي , لذلك
اصبحت المخازن نفسها عرضة للأغارة والنهب من قبل الحمير , خصوصا هؤلاء الذين لا
يعملون . عندها قرر المجلس الرئاسي وضع بعض الحمير حرسا على تلك المخازن , لكن
هؤلاء لم يكن لديهم اي وسيلة يدافعون بها عن المخازن او انفسهم فجرى قتلهم من قبل
الحمير التي تغير عليهم . وفي احد الايام جرت معركة طاحنة بين حمير المنطقة
الجنوبية وحمير المنطقة الشمالية الغربية قرب مخازن البرسيم كان النصر على وشك
فيها ان يتحقق للقطيع الجنوبي . ولتفادي الهزيمة قام احد حمير المنطقة الشمالية
الغربية باشعال النار بالمخازن مما ادى الى احتراق كل ما فيها من غذاء . وكأنتقام
على ما حدث قام القطيع الجنوبي بالتقدم الى مراعي المنطقة الشمالية الغربية واحراق
كل محاصيلها المزروعة من البرسيم .
صار الوضع شديد السوء وانتشر الجوع بين
الحمير , واخذت المعارك على الغذاء تحتدم بقوة حتى اصبحت تجري يوميا . كانت هناك
بقايا من الذئاب تحوم حول منطقة حمران وتراقب ما يجري بدقة . ومرة اخرى اخذت هذه
الذئاب تغير من وقت لاخر وتصطاد ما تريده من الحمير . شاع الموت جوعا والقتل
افتراسا بين الحمير , ونقص عددها بشكل ملحوظ بسبب ما يقتل منهم من قبل بعضهم او من
قبل الذئاب المفترسة . اخذت بعض جموع الحمير المسالمة ترسل المراسيل لملك الغابة تخبره
بما يحصل وتطلب منه التدخل وانقاذها مرة اخرى كما فعل في المرة السابقة . ليس هذا
فقط بل ان بعض هؤلاء طلبوا منه ان يأتي بنفسه لكي يحكم منطقة حمران لان حميرها غير
قادرين على حكم انفسهم بانفسهم .
وبعد طول انتظار جاء ملك الغابة مرة اخرى برفقة
بعض جنوده . استطلع الاسد الكبير الأوضاع , وبعد طول تفكير اتخذ قراره . جمع كل
حمير ارض حمران وخطب بهم قائلا
-
ايها الحمير , لقد منحتكم فرصة عمركم لكنكم للأسف
اضعتموها بسبب غبائكم وطمعكم وحقدكم الاعمى على بعضكم . لقد انقذتكم من الخطر الذي
كان جاثما على صدوركم لكنكم لا تستأهلوا هذا الفضل . لقد وضعتكم تحت حمايتي وقلت لكم
بان ما من أحد بعد اليوم سيتجرأ على التعرض لكم , وطلبت منك ان تتحابوا وتتلاحموا
وان تعملوا لكي تحيوا . لكنكم اثرتم الكسل وعدم العمل , وجعلتم حقدكم وكرهكم
لبعضكم يطغى على كل تصرفاتكم . لم تفكروا بمصلحتكم ومصلحة ارضكم ومستقبل ابنائكم فتقاتلتم
مع بعضكم واحرقتم مصادر رزقكم . وحين عجزتم عن ادارة انفسكم جئتم الي مرة اخرى
تريدون مساعدتي وتطلبون مني ان احكمكم . اقول لكم بوضوح بان لي غابة كبير تقع كلها
على مسؤوليتي ولست مضطرا لأن ازج نفسي بحل مشاكلكم وادارة شؤونكم . لقد اثبتم لي
ولكل حيوانات الغابة بانكم ليسوا سوى حمير , وانكم لا تستحقون العيش في أرض حمران بما
فيها من رزق وفير لانها لا تليق ابدا بمخلوقات مثلكم عقلها صغير . من اليوم سارفع
يدي تماما عنكم واسحب حمايتي لكم . ساعود الى مملكتي واترككم وشأنكم لاني لا اريد
ان يقترن اسمي باغبياء مثلكم .
كانت الذئاب تستمع عن بعد لما يقوله ملك
الغابة , وما ان غادر هو واعوانه أرض حمران حتى هجمت تلك الذئاب على ارض الحمير
لتفترس بعض حميرها وتعيد الوضع الى ما كان عليه قبل مجيء الاسد الكبير .
-
تمت -