اخر المواضيع في المدونة

الاثنين، 16 سبتمبر 2013

قصص قصيرة ذات عبر - الامانة والصدق تاج على رأس من يحملهما

تولى عرش احدى ممالك الصين شاب يافع بعد ان توفي والده الملك الذي حكم البلاد فترة طويلة ساد بها الازدهار والرخاء . وقد جرى حفل عظيم لتنصيب الملك الجديد انتشرت فيه مظاهر الابتهاج والفرحة وأقيمت الزينة في كل مكان . وبعد فترة اعلن على الملآ بان الملك الجديد سيقيم احتفالا كبيرا تجري فيه مسابقة لاختيار عروسة له لتصبح ملكة على البلاد الى جانبه . انتشر الخبر في كل مكان واخذن الفتيات الجميلات يستعدن لحضور هذا الاحتفال والاشتراك بهذه المسابقة . كان في تصور الجميع بان المسابقة ستكون مجرد منافسة يختار فيها الملك اجمل وأأنق فتاة , لذا فقد اخذن الفتيات يستعدن لها ويهيئن أجمل وافخر الملابس ليرتدوهن خلال هذه المناسبة . وكان في المدينة فتاة فقيرة متوسطة الجمال اسمها (نانا) تحب الملك حبا جما , فقد كانت تعشقه منذ ان كان اميرا ووليا للعهد حين كانت تراه وهو يمتطي صهوة جواده محاطا بالحرس اثناء تجواله بالمدينة . وحين سمعت نانا بالحفل الذي ينوي الملك اقامته قالت لوالدتها
- ساذهب الى هذه الحفلة يا والدتي واشترك بالمسابقة لعل الملك يختارني ويتزوجني
- لكن اين انت يا بنيتي من الفتيات الغنيات والرائعات الجمال اللواتي سيحضرن هذا الاحتفال وهن يرتدين اجمل وافخر الملابس ويضعن اغلى وافضل المجوهرات ووسائل التزين
- لايهم يا أمي , انا اعلم باني فقيرة ولا املك ملابس جميلة لكني احب الملك حبا جما , ومن يدري فقد يعجب بي الملك ويتزوجني لهذا لن افوت هذه الفرصة ابدا . وحتى ان لم افوز بهذه المسابقة سأكون على الاقل حاولت وارضيت قلبي وفؤادي
حزنت الام لحال ابنتها , لكنها قررت ان لا تقف امام رغبتها ابدا , لهذا فقد قامت بخياطة فستان متواضع لكن جميل وطلبت من نانا ان ترتديه عند ذهابها للاحتفال . وفي يوم الحفلة حضر الملك الشاب محاطا بحاشيته وجلس على العرش الذي وضع الى جانبه عرشا اخرا فارغا . وكان في الحفلة مئات الفتيات الجميلات اللواتي يمكن ان يخطفن لب اي من ينظر اليهن . وكان من بين الحاضرات (نانا) بجمالها المتواضع وفستانها البسيط . قام الملك بالقاء كلمة في الحاضرت قال فيها
- سأعطي كل واحدة منكن بذرة لنبتة معينة , واريد من كل فتاة منكن ان تزرع البذرة التي ستأخذها وتنبتها في سندانة ثم تقوم برعايتها وتنميتها , وبعد ستة اشهر من الان سنلتقي هنا مرة اخرى وساقوم برؤية ما زرعتن وسأختار الفتاة صاحبة اجمل نبتة وتحمل احلى زهرة
طلب الملك بعدها من الحراس ان يوزعوا البذور على الفتيات المشتركات بالمسابقة . اخذت نانا البذرة التي اعطيت لها وعادت الى البيت , ثم قامت بزرعها في احدى السندانات التي تملكها امها في حديقتهم الصغيرة . ظلت نانا تسقي البذرة كل يوم لكن البذرة لم تنبت ابدا . استشارت معارفها ممن يعرفون بشؤون الزراعة والانبات واعطوها بعض النصائح لكي تتبعها لكن دون فائدة , فالنبتة لم تنبت والسندانة ظلت بلا زرع . اقترب الموعد المقرر ولم يتبقى عليه سوى ايام ولا شيء في سندانة نانا . قالت الوالدة لابنتها
- لافائدة يا حبيبتي فيبدوا ان البذرة التي كانت من نصيبك ميتة لا حياة فيها
- نعم يا امي , انا ايضا اصبحت املك هذا الشعور , ويبدوا بان حظي هو الذي جعل هذه البذرة تصبح من نصيبي
- لهذا انصحك يا ابنتي ان تزيلي الفكرة من بالك ولا تذهبي الى الحفلة حتى لا تكوني موضع سخرية واستهزاء الاخريات
- كلا يا امي , ساذهب الى الحفلة بالرغم من تيقني من فشلي , لكن علي ان اكمل المحاولة الى اخرها

ذهبت نانا الى الحفلة وهي تحمل بحزن سندانتها الفاضية , وحين وصلت دهشت بشدة حين رأت الفتيات الاخريات يحملن افخر السنادين اللواتي فيها اجمل ما خلق الله من نباتات وزهور . طلب الملك من الفتيات ان يصطفن امامه ثم اخذ يمر عليهن واحدة تلو الاخرى وهو يبدي مظاهر الاعجاب بالنبتات والزهور . وبعد ان اكمل الاستعراض تقدم الى نانا وانحنى امامها ثم طلب منها بان تتقدم معه الى الشرفة الرئيسية حيث وقف هناك ورفع يدها وقال
- هذه هي التي تستحق عرش مملكتنا وستكون ملكتي وملكتكم من الان
ساد الهرج والمرج بين الحضور والفتيات لان نانا كانت الوحيدة التي تحمل سندانة بسيطة وفارغة من اي نبتة . ثم استطرد الملك وقال
- هذه هي الوحيدة بينكن التي تستحق بجدارة العرش معي . لقد اعطيتكم جميعا حبات صغيرات وليس بذور لاني كنت اريد ان اعرف من هي الامينة بينكن التي تستحق عرش هذه البلاد العظيمة . وقد اثبتت هذه الفتاة بسندانتها المتواضعة والفارغة بانها أهل للمكان الذي ستحتله واكثركن استحقاقا للتاج الذي سيوضع على رأسها لانها من غير ان تتوج تملك تاجا عظيما ليس هناك تاج اعظم منه لان


           الامانة والصدق تاج على رأس من يحملهما