بقلم
وسام الشالجي
مع حصول التغييرات الجديدة على مستوى
القيادات في العراق والتي استبشر بها الجميع خيرا ورحب بها كل العالم بلا استثناء هناك
سؤال يطرح نفسه بقوة على الساحة , وربما في كل الاوساط , وبالذات على القادة الجدد
هو :
هل ستنتهي الطائفية بالعراق , وكيف ننهي هذه
الطائفية الى الابد ؟
لقد عانى البلد والشعب العراقي خلال السنوات
العشر الماضية من ويلات ومصائب تكاد تكون اشبه بكارثة فظيعة لم تحل على بلد من قبل
, سببها الرئيس وبلا منازع هو (الطائفية) والتخندق الطائفي . لن يكون موضوع هذا
المقال في من كان هو السبب في اشعال الطائفية بالبلد , أو من هي الفئة التي كانت أكثر
طائفية من الاخرى وسبب كل ما جرى لأن هذا هو ليس بيت القصيد ولن يحل في الامر شيئا
, بل ان مجرد الخوض في هذا يمكن ان يزيد الامور سوءا ويرجعنا الى مربع الصفر .
دعونا نعترف بان كل الطوائف في البلد مارست الطائفية المقيتة بكل صورها , وأن كل
الفئات تخندقت طائفيا لسبب او لاخر . لكن دعونا ايضا نسأل انفسنا : هل فادت هذه
الطائفية اي منا بشيء ؟ وهل أوصلت اي من الجهات التي مارستها الى ما كانت تتمناه
وترجوه ؟ وهل حققت مستقبل افضل لافرادها ولأبنائها ؟ وهل جلبت أمن ورخاء ورفاهية
لاحد ؟ بالتأكيد لا , والف لا لانها لم تجلب غير الموت والدمار والجوع والفقر
والحاجة والاطفال اليتامى والامهات الثكالى والزوجات الارامل والنساء العوانس
والشباب المعوق وووو .... مما لا يعد ويحصى . ولنسأل انفسنا ايضا : هل نحن مستعدين
لان نبقى بهذا الحال ونمضي به حتى يفنى اخر واحد منا ؟ بالتأكيد ليس هناك انسان
عاقل يمكن ان يقول (نعم) . اذن ما علينا غير ان نترك كل ما جرى خلفنا ونقلب الصفحة
ولا نسأل قط عن من كان وراء ذلك , ولا لماذا حدث كذا وكذا , او من ظلم من ونعترف
في قرارة انفسنا باننا جميعا كنا مذنبين , وان مقدار ذنب أي منا لا يقل عن مقدار
ذنب الاخر , ثم نبدأ بان نفكر في أمر اكثر اهمية هو : كيف نخرج من هذا الوضع , وكيف
ننتقل الى بر الامان ؟ ليس هناك جواب على هذا السؤال غير جواب واحد هو : يجب ان نترك
الطائفية خلفنا الى الابد وان نصبح لاطائفيين من اليوم . ان هذا يعني ان نقبل
الاخر تماما كما هو , وان نحترم الى اقصى درجة معتقداته وارائه ومفاهيمه وطقوسه
وممارساته ونقدر توجهاته وأولوياته ونبتعد تماما عن تسفيه ما يؤمن به او التقليل
من شأن رموزه وشخوصه . ليس هذا فقط بل علينا ان نبدأ من اليوم بأن نتشارك با خلاص
, حتى ولو بشكل رمزي في اي ممارسة تقوم بها اي طائفة او جهة من شعبنا من باب
المعاضدة والاحترام , وان لا نكون بعيدين عن اي ممارسة دينية او مذهبية , وان نجعل
من تواجدنا في تلك الممارسات عنوانا لوحدتنا وتأخينا بهذا البلد .
لن نستطيع ان نقوم بهذا وحدنا مالم يقم به
قادتنا ورجال ديننا قبلنا . لذلك نريد من القادة الجدد ان يظهروا لنا لا طائفيتهم
ونبذهم للطائفية في أن تكون اولى خطواتهم بحكم البلد هي اضافة مادة الى الدستور
ستحظى بالتأكيد بموافقة جميع ابناء الشعب تحرم الطائفية وكل ما يمت لها بالصلة .
يمكن ان تكون مثل هذه المادة بشكل : (الطائفية بالعراق محرمة دينيا وسياسيا ومرفوضة
رفضا تاما , وكل من يمارسها او يقوم باي فعل يؤدي الى ظهورها يعاقب بعقوبات صارمة تنظم
بقانون) . وعلى مجلس النواب ان يقوم بتشريع قانون بعنوان (تحريم الطائفية ومحاربة ممارساتها)
يتضمن اولا بأول نص يقضي باحترام جميع الطوائف بالبلد واحترام معتقداتها وممارساتها
ومنع تسفيه ارائها او التقليل من شأن شخوصها ورموزها , وان توضع فيه عقوبات رادعة
لمن يقوم بأي عمل يشجع على الطائفية تصل بعضها للأعدام . كما نرجوا من قادتنا ورجال
الدين من جميع الطوائف والاديان بالبلد ان يكونوا قدوة لنا في الممارسات اللاطائفية
, وان يبينوا لجميع افراد الشعب بصدق عن رفضهم لهذه الظاهرة من خلال مشاركتهم وتواجدهم
في الاحتفالات الكبرى لاي طائفة في العراق . وكمقترح لهذا التأخي اطلب من قادة
العراق الجدد اعتبار يوم حادثة جسر الأئمة عام 2006 عيدا وطنيا بأسم (عيد التاخي
الطائفي بالعراق) حين قام سنة الاعظمية بكل ما في وسعهم لانقاذ شيعة بغداد الذين سقطوا في نهر دجلة , وتدرج
الواقعة ودرس في كتب التربية الوطنية بالمدارس .
من الاكيد بان اعداء الشعب العراقي لن يرضوا بمثل
هذه التوجهات , ومن الاكيد بانهم سيحيكون المؤامرات لأبطال اي من هذه المساعي
وسيقومون بكل ما في وسعهم لأعادة تأجيج نار الطائفية وأشعال الحرب الاهلية بالبد من
خلال اي ممارسة لانها الوسيلة الوحيدة لعيشهم ووصولهم الى غاياتهم . لهذا على
القادة السياسيون والدينيون بالبلد بان يكونوا واعيين الى مثل هذه الدسائس وان
يحرصوا دائما على توعية الناس بمثل هذه الاحتمالات وان يفطنوا فورا الى ان اي شيء
سيرتكب ضد اي من الرموز الدينية المقدسة , او ضد افراد اي طائفة هو ليس غير محاولة
تهدف الى تأجيج الطائفية من جديد واشعال الأحتراب الطائفي بين افراد البلد الواحد
. ان حدوث اي من هذه الحوادث سيدل بشكل قاطع على اننا ماضيين بالطريق الصحيح , لكن
قبل هذا علينا ان نحصن انفسنا ونحمي رموزنا وكافة ابناء شعبنا من مثل هذه
الاحتمالات . ارجوا ان تصل روحية كلمتي هذه الى اسماع جميع المسؤولين الجدد في
العراق , داعيا الله ان يحفظ الوطن والشعب .
وسام الشالجي
كاتب من العراق
10 أب 2014