اخر المواضيع في المدونة

الخميس، 7 أغسطس 2014

مشروع انشاء ورشة للتصفية واخرى للبلاستيك في معهد النفط – بغداد 1990-1991


 بقلم
وسام الشالجي
رئيس قسم التصفية في معهد النفط – بغداد
(1987-1991)


ورشة التجزئة في معهد النفط - بغداد

في عام 1977 قام المهندس (صباح الجوهر) الذي كان رئيسا لقسم التصفية في معهد النفط في وقتها وبجهوده الذاتية وبمساعدة بعض الفنيين الاختصاصيين على رأسهم الاستاذ (سامي الفلاحي) ببناء ورشة للتجزئة من معدات المصافي القديمة التي جرى تصنيفها بسبب عدم الحاجة اليها والتي يعود معظمها الى مصفى الوند ومصفي المفتية . وتحقيقا لمباديء السلامة تم الاستغناء عن فكرة تجزئة النفط الخام في الورشة التي يجري بنائها واستعيض عن ذلك بعملية فصل مزيج من الماء والكحول . تم افتتاح الورشة عام 1978 من قبل الاستاذ تايه عبد الكريم وزير النفط في حينها والذي اشاد بجهود العاملين ببناء تلك الورشة لكنه انتقدها في ذات الوقت بقوله (كيف تدربون طلية سيعملون بالمصافي الحديثة في ورشة بنيت بمعدات صنعت في العشرينات ؟ هل طلبتم استيراد ورشة حديثة ولم يتم الاستجابة لطلبكم ؟) . كان هذا القول بمثابة صفعة لمن كانوا يديرون العملية التدريبية في تلك المؤسسة المهمة والذين فضلوا الاقتصاد في النفقات وعدم استيراد معدات حديثة لتدريب الطلبة الذين سيعملون بالقطاع النفطي . ومما يضحك ان هذه الورشة ظلت تعمل كمعدة تدريبية اساسية لطلبة اختصاص (التشغيل الفني) طوال عقد الثمانينات ولم يكن المعهد يمتلك اي ورشة بديلة اخرى لتدريب هؤلاء الطلبة على عمليات التجزئة .

بعد حصولي على شهادة الماجستير بكمياء النفط والغاز من انكلترة وعودتي للعراق استلمت مسؤولية ادارة قسم التصفية في اوائل عام 1987 , وكانت القسم وورشه في حالة يرثى لها , والاسوأ من ذلك كان البلد في حالة حرب وقد استنزفت ثرواته ولم يعد بالامكان استيراد اي شيء جديد باستثناء المعدات التي تعزز الدفاع الوطني وتخدم المجهود الحربي . بدأت بالتفكير جديا باصلاح شؤون القسم والارتفاع بامكانياته التدريبية , ولم يكن امامي غير ان استطلع الامكانيات المحلية في تعزيز الامكانات التدريبية للقسم . كنت ادوام على مفاتحة جميع المؤسسات الحكومية طالبا اعلامنا عن المعدات والاجهزة التشغيلية الفائضة عن حاجتهم . وفي اواخر عام 1989 تم اعلامي بوجود ورشة للتجزئة فائضة عن الحاجة في معهد اعداد المدربين العائد لهيئة المعاهد الفنية والكائن بالزعفرانية . قمت على الفور بتشكيل لجنة لمعاينة الورشة وقد قدمت لي تقرير بان الورشة عبارة عن مصفى تدريبي صغير (Package Unit)يصلح تماما لتدريب طلبتنا باختصاص التشغيل الفني . قمت بعدها بزيارة الموقع , وفي تلك الزيارة تم ابلاغي بوجود ورشة مجاورة للبلاستيك هم مستغنين عنها ايضا ويحبذون ان نرفعها مع ورشة التجزئة لاستغلال المكانين في بناء ورش بديلة . لم يكن موضوع نقل ملكية هذه الورش لمعهد النفط بالأمر السهل لان الامر سيتضمن نقل ملكية معدات من وزارة الى وزارة اخرى وهذا يتطلب استحصال موافقة اللجنة الاقتصادية بالدولة والتي هي برئاسة (سعدون حمادي) . وقبل مفاتحة الجهات الرسمية بالموافقة على نقل ملكية المعدات المطلوبة قمت باصطحاب مدير معهد النفط لمعاينة الورش التي نريدها وقد استجاب لرغبتنا ووعدنا بدعم طلبنا . تم بعدها توجيه طلبات نقل الملكية الى الجهات المسؤولة , وقد استغرق الحصول على الموافقات النهائية لهذا الأمر حوالي سبعة اشهر . ففي تموز من عام 1990 حصلت الموافقة النهائية على نقل ملكية الورش المطلوبة من وزارة التعليم العالي الى وزارة النفط وقمنا بتشكيل فريق عمل من بعض المهندسين والأختصاصيين الفنين في المعهد للقيام باعمال نقل الورش . لم يكن هناك مكان متوفر في المعهد لكي يخصص لاستيعاب الورش الجديدة لكن تقرر استقطاع جزء من البارك الرئيسي للمعهد المخصص لايواء السيارات وجعله مكانا لبناء الورش الجديدة , كما تم الاعلان عن مقاولة لبناء بنكلة تضم الورشتين الجديديتين .

وفي خضم هذه الاعمال حصلت أزمة اجتياح الكويت في 2 أب عام 1990 مما نقل الكثير من الاهتمام نحو المشكلة الجديدة . ومع ذلك ظل فريق العمل يعمل بجد ومثابرة وجرى في تشرين الاول من عام 1990 نقل الورش الى المعهد حتى قبل ان يكتمل العمل بالبناء المخصص , لكن اعمال النصب ارجئت لما بعد اكتمال البناء . بدأت الحرب التي شنت على العراق في كانون الثاني 1991 مما ادى الى توقف العمل  بالبناء بسبب ظروف الحرب . ظل العمل متوقفا حتى مايس 1991 حيث استأنف العمل باكمال البناء مرة اخرى . وخلال فترة قصيرة اكتمل العمل بالبناء وبوشر بأعمال نصب المعدات من قبل خبراء القسم وأكتمل العمل تماما واصبح جاهزا للأفتتاح في تموز 1991 . وبالفعل جرى افتتاح الورشتين الجديدتين من قبل وزير النفط في وقتها اسامة الهيتي والذي اشاد بهذا العمل وبارك للمعهد افتتاح هذه الورش الحديثة .

في اواخر عام 1991 تم اقالتي من منصبي كرئيس لقسم التصفية لاسباب لا محل لذكرها هنا , ولكن بعد اقالتي بفترة وجيزة جرت بعض الاعمال التي ربطتها شخصيا بموضوع اقالتي من رئاسة القسم . أذ بعد اقالتي بفترة قصيرة جرى مما يؤسف له تأجير ورشة البلاستك التي قمنا بنقلها ونصبها في معهدنا الى مقاول خارجي بذريعة عدم الحاجة لها وتوفير موارد مالية للمعهد في ظروف الحصار , لكن في الحقيقة لم تكن العملية غير واحدة من عمليات الفساد الكثيرة التي كانت تجري في المعهد في تلك الفترة . استغل المقاول الخارجي ورشة البلاستك في انتاج الأكياس البلاستيكية , وبعد عدة سنوات استهلك الورشة تماما وسلمها مرة اخرى للمعهد وهي خردة وقاع صفصفاء . لكن مما يحمد الله عليه ان ورشة التجزئة ظلت سليمة وبقيت تعمل في تدريب طلبة اختصاص (التشغيل والسيطرة) الى يومنا هذا , وقد خرجت الألاف من الطلبة الذين يعملون بالقطاع النفطي الأن . ومن المضحك ان رؤساء قسم التصفية المتتالين الذين جاءوا بعدي ظلوا يدعون بان تلك الورشة كانت من انجازاتهم بالقسم والمعهد وكأنهم كانوا يضحكون على انفسهم قبل ان يضحكوا على غيرهم .  هذه نبذة بسيطة عن بعض الاعمال التي قمت فيها في قسم التفية في معهد النفط – بغداد والذي جعلت منه بسنوات قليلة القسم الاول في معهد النفط بعد ان كان أخر واسوأ قسم في المعهد حين استلمته .

وسام الشالجي
7 أب 2014