بقلم
وسام الشالجي
وسام الشالجي
لقد لمست من
اطلاعي على مئات المقالات والكتب والدراسات المنشورة عن الفترة الملكية بالعراق
بان هناك من يكره الحكم الملكي في العراق والعائلة المالكة العراقية بسبب او بدون
سبب . قد يكون لمن يحمل سببا في هذا الكره بعض التبرير , لكن هناك من يكرههم لمجرد
الكره , وربما حتى لا يعرف لماذا . ترى ما هو سبب هذا الكره تجاه الحكم الملكي في
العراق , ومن هؤلاء الذين يكرهون العائلة المالكة العراقية ؟ لقد فكرت كثيرا بهذا
الامر واستعرضت الشرائح الموجودة في البلد في محاولة للأجابة على هذا التساؤل ,
وسنحاول بما سيلي ان نستعرض هذه الفئات التي تكره النظام الملكي مع التطرق الى
اسباب هذا الكره مبرراته .
1- الكارهين بدون سبب : كثيرا ما نجد هذه الفئة من كارهي النظام الملكي
يخترعون شتى الاعذار والمسببات لتبرير كرههم له وتفسير حقدهم عليه . اول الاشياء
التي يدعيها هؤلاء هو التشكيك بوطنية الرجال الذين حكموا البلد خلال العهد الملكي
, سواء من رموز العائلة المالكة او من السياسين الذي تبوأوا المراكز العليا
بالدولة . ما من شك بان في الحكم الملكي هفوات واخطاء ومساويء وزلات حاله من حال
جميع العهود التي مرت بالعراق , لكن العهد الملكي تعرض للأساءة والتشويه مالم
يتعرض له اي نظام اخر مر بالعراق . والشيء الثاني الذي يتمسك به هؤلاء هو الادعاء
المستمر بعمالة العائلة المالكة للمحتل والمستعمر البريطاني , وكأن العراق لم يكن
محتلا لمئات السنين من تاريخه , او لم يمر عليه من قبل نظام غارق لاذنية بالعمالة
والتبعية للمحتل . وقد رأينا في اكثر من فرة سابقة كيف ان ملةك العراق حاولوا
كثيرا التخلص من التبعية للاجنبي لكن
محاولاتهم باءت اكثرها بالفشل , وحتى كلفتهم حياتهم . الشيء الثالث هو الادعاء بان
العائلة المالكة ليست عراقية وهي دخبلة على هذا المجتمع , متناسين باننا لو
استعرضنا التاريخ العراقي خلال الالف واربعمائة سنة الماضية لوجدنا عشرات الحكام
الذين حكموا هذا البلد من غير ان ينتموا اليه . وقد بينا في فقرة اخرى بان اول
ملوك العراق (فيصل الاول) تجنس بالجنسية العراقية حين تم منحها عام 1927 مثل كل
العراقيين الاخرين لانطباق شروط التجنس عليه . من جهة اخرى فاننا نرى من وقت لاخر
مقالات ودراسات تشكك حتى بنسب اسرة الشريف علي بن الحسين , بل وتدعي بانها اسرة
منحدرة من اصول يهودية , الامر الذي اعتاد على تلفيقه كل حاقد على الاصول الشريفة
والنسب العريق . ان هذا الادعاء تافه وحتى سخيف وبعيد جدا عن الواقع . وهل يمكن
لنا بان نصدق بأناس يتكلمون اللغات الاعجمية ويأتون من شتى بقاع الارض وهم يدعون
بانهم سادة وينتسبون للرسول الاكرم (ص) , ولا نصدق عائلة شريفة تسكن مكة المكرمة
وتتكلم العربية الاصيلة حين تدعي بانها تنتسب الى العترة النبوية الشريفة .
2- الشيوعيون : مع احترامنا الشديد للحزب الشيوعي العراقي ورجاله ورموزه , الا اننا مضطرين لاستعراض بعض تاريخ هذا الحزب في العراق دون التعرض لاحد . لا يختلف اثنان في ان الحزب الشيوعي العراقي كان يلتزم بالتبعية للأتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي خلال الحقب الاولى من تاريخه . يتذكر الكثير من الناس الذين عاصروا الفترة التي تنفذ بها هذا الحزب في الدولة العراقية عام 1959 , وكيف كانت تخرج المظاهرات التي تنادي بشعار (اتحاد فدرالي ويا الصين الشعبية) , فما علاقة العراق بالصين الشعبية , ولماذا الاتحاد معها ؟ اليس هذا نوع من التبعية التي كان يعاب بها الحكم الملكي نفسه . كان الشيوعيون يكرهون الحكم الملكي والعائلة المالكة العراقية لاقصى درجة , ويعود السبب الرئيسي في ذلك الى موقف ذلك النظام منهم ومن قادتهم . كان الحكم الملكي يدرك تبعية الحزب الشيوعي العراقي للدول الشيوعية ورغبة المعسكر الاشتراكي بالتمدد الى الجنوب للوصول الى المياه الدافئة . كما كان النظام الملكي يدرك شراسة الشيوعيين فيما لو وصلوا للحكم , ولنا فيما جرى في روسيا في عقد الثلاثينات والدول الاوربية الشرقية بعد الحرب العالمية الثانية , وما جرى في العراق لاحقا خير امثلة . لذلك كان موقف النظام الملكي صارما منهم ومن قادتهم . ان اكبر سبب لكره الشيوعيين للنظام الملكي هو بسبب اعدام يوسف سلمان يوسف (او كما يعرف باسمه الحركي فهد) , وهو مؤسس الحزب الشيوعي العراقي اضافة الى بعض رفاقه من قادة الحزب (حازم وصارم) في يوم 14 شباط 1949 . لذلك ليس من الغريب ان نرى شدة كره الشيوعيين للنظام الملكي وشراسة الانتقام الذي قام به الشيوعيين من رجال الحكم الملكي بعد ثورة 14 تموز ودفعهم باتجاه اصدار احكام الاعدام بحق كوكبة من كبار المسؤولين في النظام الملكي , على رأسهم المرحوم سعيد قزاز .
3- الفارين من جور الاقطاع : ان جميع العوائل ذات الاصول الفلاحية والتي هربت من جور الاقطاع ونزحت الى اطراف المدن الكبيرة , وكذلك هؤلاء الذين نزحوا بعد 14 تموز 1958 يكرهون الحكم الملكي على اساس ان هذا الحكم كان يؤيد الاقطاعيين ويمدهم بوسائل البقاء ويدعم اساليبهم الرامية الى زيادة الانتاج على حساب مصالح الفئات الفقيرة من الفلاحين . يضاف الى هذا ان قادة العهد الجمهوري الاول تقربوا الى هذه الشرائح ووزعوا عليهم الاراضي بدون مقابل مما حولهم الى مؤيدين لذلك الحكم ومن المحبين لقادته . كما ان قادة العهد الجمهوري الاول نظموا حملات كبيرة في تشويه سمعة العهد الملكي والطعن بنزاهة ووطنية واخلاص قادته ضمن عملية منظمة لغسل الادمغة والتي أتت اكلها وحققت ما يراد من ورائها في زرع الكره في نفوس البسطاء ضد العهد الملكي . وحتى بعد ان زال الحكم الملكي فان هؤلاء اورثوا كرههم له الى ابنائهم واحفادهم . وفي ايامنا هذه , وبعد ما يقارب الستون عاما على اسقاط الحكم الملكي لا زالت هذه الفئة من اكثر الشرائح العراقية كرها للنظام الملكي . والغريب في الامر ان هؤلاء تصالحوا مع الاقطاعيين انفسهم بسبب ما تربطهم بهم من شتى انواع الاواصر والعائلية والعشائرية , بينما ظل كرههم للعهد الملكي ثابتا .
4- كارهون متفرقون : يكره بعض العراقيين ذوي الميول القومية العهد الملكي لقيامه باعدان الضباط الذين قاموا بحركة 1941 . ان تلك الحركة لم تكن وطنية في نظري ابدا . صحيح ان ظاهرها كان التخلص من السيطرة البريطانية , لكن ما قام به قادة الحركة من انحياز كامل نحو الالمان يدلل على انهم كانوا على استعداد لتسليم العراق لألمانيا بدلا من بريطانيا . كل هذا يشير على ان هؤلاء لم يكونوا غير اشخاص طموحين لاستلام السلطة , والسلطة فقط مقابل اي ثمن حتى وان كان استبدال استعمار باستعمار اخر . كما يكره بعض الاكراد الحكم الملكي لانه استطاع لاكثر من مرة في قمع ثوراتهم الانفصالية واخمادها , وفي اخر واحدة منها قام بنفى زعيمهم مصطفى البرازاني الى روسيا . وهناك ايضا من يكره الحكم الملكي لمجرد انه حكم ملكي . والسبب في هذا ان هناك طبقات سياسية لا تميل الى نوعية الحكم الملكي وتفضل بدلا عنه الحكم الجمهوري .
وبعد استعراضنا للشرائح الواردة اعلاه ممن كانوا يكرهون الحكم الملكي بالعراق يجدر بالقول بان هؤلاء لم يكونوا يشكلون اكثر من 10% من مجموع الشعب العراقي الذي بلغ تعداده في احصاء عام 1975 حوالي سبعة ملايين نسمة . اما الباقين , وهم النسبة العظمى من الشعب العراقيين فكانوا من محبي العهد الملكي , وان قسم كبير منهم تألم كثيرا عند اسقاطه وحزنوا اشد الحزن على المصير الذي ألت اليه الاسرة المالكة في العراق , وخصوصا مقتل صاحب الجلالة الملك فيصل الثاني .
2- الشيوعيون : مع احترامنا الشديد للحزب الشيوعي العراقي ورجاله ورموزه , الا اننا مضطرين لاستعراض بعض تاريخ هذا الحزب في العراق دون التعرض لاحد . لا يختلف اثنان في ان الحزب الشيوعي العراقي كان يلتزم بالتبعية للأتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي خلال الحقب الاولى من تاريخه . يتذكر الكثير من الناس الذين عاصروا الفترة التي تنفذ بها هذا الحزب في الدولة العراقية عام 1959 , وكيف كانت تخرج المظاهرات التي تنادي بشعار (اتحاد فدرالي ويا الصين الشعبية) , فما علاقة العراق بالصين الشعبية , ولماذا الاتحاد معها ؟ اليس هذا نوع من التبعية التي كان يعاب بها الحكم الملكي نفسه . كان الشيوعيون يكرهون الحكم الملكي والعائلة المالكة العراقية لاقصى درجة , ويعود السبب الرئيسي في ذلك الى موقف ذلك النظام منهم ومن قادتهم . كان الحكم الملكي يدرك تبعية الحزب الشيوعي العراقي للدول الشيوعية ورغبة المعسكر الاشتراكي بالتمدد الى الجنوب للوصول الى المياه الدافئة . كما كان النظام الملكي يدرك شراسة الشيوعيين فيما لو وصلوا للحكم , ولنا فيما جرى في روسيا في عقد الثلاثينات والدول الاوربية الشرقية بعد الحرب العالمية الثانية , وما جرى في العراق لاحقا خير امثلة . لذلك كان موقف النظام الملكي صارما منهم ومن قادتهم . ان اكبر سبب لكره الشيوعيين للنظام الملكي هو بسبب اعدام يوسف سلمان يوسف (او كما يعرف باسمه الحركي فهد) , وهو مؤسس الحزب الشيوعي العراقي اضافة الى بعض رفاقه من قادة الحزب (حازم وصارم) في يوم 14 شباط 1949 . لذلك ليس من الغريب ان نرى شدة كره الشيوعيين للنظام الملكي وشراسة الانتقام الذي قام به الشيوعيين من رجال الحكم الملكي بعد ثورة 14 تموز ودفعهم باتجاه اصدار احكام الاعدام بحق كوكبة من كبار المسؤولين في النظام الملكي , على رأسهم المرحوم سعيد قزاز .
3- الفارين من جور الاقطاع : ان جميع العوائل ذات الاصول الفلاحية والتي هربت من جور الاقطاع ونزحت الى اطراف المدن الكبيرة , وكذلك هؤلاء الذين نزحوا بعد 14 تموز 1958 يكرهون الحكم الملكي على اساس ان هذا الحكم كان يؤيد الاقطاعيين ويمدهم بوسائل البقاء ويدعم اساليبهم الرامية الى زيادة الانتاج على حساب مصالح الفئات الفقيرة من الفلاحين . يضاف الى هذا ان قادة العهد الجمهوري الاول تقربوا الى هذه الشرائح ووزعوا عليهم الاراضي بدون مقابل مما حولهم الى مؤيدين لذلك الحكم ومن المحبين لقادته . كما ان قادة العهد الجمهوري الاول نظموا حملات كبيرة في تشويه سمعة العهد الملكي والطعن بنزاهة ووطنية واخلاص قادته ضمن عملية منظمة لغسل الادمغة والتي أتت اكلها وحققت ما يراد من ورائها في زرع الكره في نفوس البسطاء ضد العهد الملكي . وحتى بعد ان زال الحكم الملكي فان هؤلاء اورثوا كرههم له الى ابنائهم واحفادهم . وفي ايامنا هذه , وبعد ما يقارب الستون عاما على اسقاط الحكم الملكي لا زالت هذه الفئة من اكثر الشرائح العراقية كرها للنظام الملكي . والغريب في الامر ان هؤلاء تصالحوا مع الاقطاعيين انفسهم بسبب ما تربطهم بهم من شتى انواع الاواصر والعائلية والعشائرية , بينما ظل كرههم للعهد الملكي ثابتا .
4- كارهون متفرقون : يكره بعض العراقيين ذوي الميول القومية العهد الملكي لقيامه باعدان الضباط الذين قاموا بحركة 1941 . ان تلك الحركة لم تكن وطنية في نظري ابدا . صحيح ان ظاهرها كان التخلص من السيطرة البريطانية , لكن ما قام به قادة الحركة من انحياز كامل نحو الالمان يدلل على انهم كانوا على استعداد لتسليم العراق لألمانيا بدلا من بريطانيا . كل هذا يشير على ان هؤلاء لم يكونوا غير اشخاص طموحين لاستلام السلطة , والسلطة فقط مقابل اي ثمن حتى وان كان استبدال استعمار باستعمار اخر . كما يكره بعض الاكراد الحكم الملكي لانه استطاع لاكثر من مرة في قمع ثوراتهم الانفصالية واخمادها , وفي اخر واحدة منها قام بنفى زعيمهم مصطفى البرازاني الى روسيا . وهناك ايضا من يكره الحكم الملكي لمجرد انه حكم ملكي . والسبب في هذا ان هناك طبقات سياسية لا تميل الى نوعية الحكم الملكي وتفضل بدلا عنه الحكم الجمهوري .
وبعد استعراضنا للشرائح الواردة اعلاه ممن كانوا يكرهون الحكم الملكي بالعراق يجدر بالقول بان هؤلاء لم يكونوا يشكلون اكثر من 10% من مجموع الشعب العراقي الذي بلغ تعداده في احصاء عام 1975 حوالي سبعة ملايين نسمة . اما الباقين , وهم النسبة العظمى من الشعب العراقيين فكانوا من محبي العهد الملكي , وان قسم كبير منهم تألم كثيرا عند اسقاطه وحزنوا اشد الحزن على المصير الذي ألت اليه الاسرة المالكة في العراق , وخصوصا مقتل صاحب الجلالة الملك فيصل الثاني .