اخر المواضيع في المدونة

الأربعاء، 7 مايو 2014

هل يستحق يوسف وهبي لقب عميد المسرح العربي ؟


لاشك بان الفنان الكبير يوسف وهبي فنان عريق وأصيل وهو من اقدم الممثلين على صعيد المسرح والسينما المصرية . ولا شك يضا بان مكانة هذا الفنان كبيرة ومتقدمة في قائمة الممثلين المصريين . لكن هناك تساؤل شغلني لفترة من الزمن واحب ان اطرحه اليوم كموضوع للنقاش هو: (هل يستحق الفنان يوسف وهبي لقب عميد المسرح العربي؟) .

ولد الفنان يوسف وهبي في مدينة الفيوم في 17 يوليو 1898 وكان ابوه بمرتبة باشا . بدأ تعليمه في كتاب العسيلى بمدينة الفيوم ، ثم تلقى تعليمه النظامي بالمدرسة السعيدية ، ثم بالمدرسة الزراعية بمشتهر . شغف بالتمثيل لأول مرة في حياته عندما شاهد فرقة الفنان اللبنانى "سليم القرداحى" في سوهاج . بدأ باستغلال مواهبه الفنية بإلقاء المونولوجات وآداء التمثيليات بالنادى الأهلى والمدرسة . عمل مصارعاً في "سيرك الحاج سليمان" حيث تدرب على يد بطل الشرق في المصارعة آنذاك المصارع "عبد الحليم المصري" . سافر إلى إيطاليا بعد الحرب العالمية الأولى وتتلمذ على يد الممثل الإيطالى "كيانتونى" ، وعاد إلى مصر سنة 1921 بعد وفاة والده ، عمل بجد للنهوض بفن التمثيل في سبيل الارتفاع بمستوى المجتمع ، فكون فرقة رمسيس من الممثلين حسين رياض ، أحمد علام ، فتوح نشاطي ، مختار عثمان ، عزيز عيد ، زينب صدقي ، أمينة رزق ، فاطمة رشدي ، علوية جميل ، وقدموا للفن المسرحى أكثر من ثلاثمائة رواية مؤلفة ومعربة ومقتبسة مما جعل مسرحه معهداً ممتازاً للفن صعد بمواهبه إلى القمة، وصار ألمع أساتذة المسرح العربى . حصل على لقب "البكوية" عقب حضور الملك فاروق أول عرض لفيلم "غرام وانتقام" في سينما ريفولي بالقاهرة . كانت جميع أعماله تدور حول الارتفاع بالمستوى الثقافى والاجتماعى ، ولم يقتصر نشاطه الفنى على مصر ، بل في محتلف الأقطار العربية وذلك لتعريف الشعب العربى بدور مصر الرائد في فن التمثيل ودعماً للروابط والعلاقات بين أجزاء الوطن العربي .

تأخر دخوله إلى عالم السينما بسبب الحملة الصحفية والدينية التي أثيرت ضده بسبب نيته في وقتها تمثيل دور النبي محمد في فيلم لشركة ماركوس الألمانية بتمويل مشترك مع الحكومة التركية ، وكان يرأسها في ذلك الوقت مصطفى كمال أتاتورك ، حيث اضطر الى ترك هذا الدور تحت ضغط شعبي ومن الملك فؤاد الذي هدد بسحب جنسيته المصرية منه . وفي عام 1930 وبالتعاون مع محمد كريم أنشأ شركة سينمائية باسم رمسيس فيلم التي بدأت أعمالها بفيلم "زينب" سنة 1930، والذي كان من إنتاجه وإخراج محمد كريم . وفي عام 1932 انتج "أولاد الذوات" الذي كان أول فيلم عربي ناطق وكان الفيلم مقتبسا عن إحدى مسرحياته الناجحة ، حيث قام بكتابة النص وقام ببطولة الفيلم ، كما قام محمد كريم أيضا بإخراجه . ثم كتب فيلمه "الدفاع" سنة 1935، ليخرجه هذه المرة بنفسه بالتعاون من المخرج نيازي مصطفى . ثم في عام 1937 قدم فيلمه الثالث "المجد الخالد"، وهذه المرة كان هو الكاتب والبطل والمخرج . بعد ذلك قدم ثلاث أفلام هي "ليلة ممطرة" 1939، "ليلى بنت الريف" 1941، و"ليلى بنت المدارس" 1941 ، لكنه ترك الإخراج فيها لتوجو مزراحي . وبعد النجاح الضخم لهذه الأفلام قدم فلمه "غرام وانتقام" 1944، والذي أخرجه بنفسه . وبعمره الذي شارف على  46 عام لعب دور شاب عاشق يقع في غرام أسمهان حين لعبت دورها الثاني والأخير .

أخرج يوسف وهبي 30 فيلما وألف ما لايقل عن 40 فيلما واشترك في تمثيل ما لايقل عن 60 فيلما واشترك بتمثيل رصيد هائل من المسرحيات يصل إلى 320 مسرحية . وبعد كل هذا التاريخ الفني الحافل توفى هذا الفنان الكبير في 17 أكتوبر عام 1982 بعد دخوله لمستشفى المقاولون العرب اثر اصابته بكسر في عظام الحوض نتيجه سقوطه في الحمام , لكنه توفي أثناء العلاج نتيجة لإصابته بسكتة قلبية مفاجئة .

بعد هذا الاستعراض نأتي الى موضوع التساؤل لهذا الموضوع وهو عن مدى استحقاق هذا الفنان للقب (عميد المسرح العربي) . في الواقع لا يمكن للمرء ان يحمل رأي سلبي بفنان يكاد يكون عملاقا او جبلا لوحده اذا ما قيس بفناني عصره . المشكلة الكبيرة هي اننا لم نشاهد هذه العبقرية العظيمة على المسرح لعدم وجود تسجيلات مرئية ولا صوتية اثناء تربعه على المسرح في العشرينات والثلاثينات . لنتصور قدرات هذه الامكانية الفذة من خلال رؤية سريعة لتاريخها التمثيلي على المسرح . أسس الفنان يوسف وهبي فرقة رمسيس المسرحية عام 1923 وقد وصفت تلك الفرقة بانها كانت جامعة فنية وليست مدرسة لكبر الاسماء التي تخرجت منها . فلقد تتلمذ على أيدي يوسف وهبي حسين رياض وامينة رزق وفاطمة رشدي وعلوية جميل ونيازي مصطفى وزينات صدقي وغيرهم ممن اصبحوا اسماء لامعة في السينما المصرية . وقدمت هذه الفرقة روائع المسرحيات العالمية لشكسبير ومولير وأبسن وهيجو . تعالوا معي نتصور يوسف وهبي واقفا على المسرح وهو يؤدي شخصية راسبوتين او جان فالجان او هملت او مكبث , ولنتخيل صوته الجهوري وحركات يده , لابد وانها كانت بحق قدرة هائلة من الأبداع والتأثير . كما ألف يوسف وهبي مسرحيات وروايات عديدة مثل اولاد الذوات , اولاد الفقراء , اولاد الشوارع , رجل الساعة وغيرها الكثير الكثير .

وحتى في السينما , لم يكن يوسف وهبي اقل قدرة بل كان من اعاظم الممثلين الاوائل الذين ظهروا في الأفلام المصرية , وخير دليل على هذه الامكانية الفريدة هي انعام الملك فاروق على الفنان يوسف وهبي بلقب (البكوية) عند مشاهدته له في فلم (غرام وانتقام) عند عرضه لاول مرة في سينما ريفولي . وكما بدأ كبيرا على المسرح فقد بدأ يوسف وهبي كبيرا في السينما ايضا . فقد بدأ عهده بالسينما بتأسيس شركة رمسيس السينمائية ومثل اول فلم له عام 1930 وهو (زينب) قبل ان تصبح السينما المصرية ناطقة . وقد استمر بهذا المجال وطور نفسه فيه ومثل افلام كبيرة وعظيمة لا زالت محفورة في ذهن المشاهد العربي . ليس هذا فقط بل كان حضوره مصدر قوة ودعم لاي فلم يشترك به حتى ولو كان كضيف شرف , كما حصل في فلم غزل البنات . أما عن ادواره المعاصرة في الافلام الحديثة والتي شاهدناها من على شاشات السينما فقد كان لتمثيله لادوار مختلفة فيها منها الجاد ومنها الكوميدي دلالة اخرى على عظمة ومكانة هذه الشخصية الفذة .رحم الله عميد المسرح العربي الفنان الكبير يوسف وهبي الذي لم يبخل في خدمة بلده وامته , واسكنه فسيح جناته .

هناك تعليق واحد :

غير معرف يقول...

حول النظام الملكي.الموضوع مهم ويعكس فترة التحول من الاستعمار البريطاني الى الامبريالية الامريكية