يشب كل انسان في هذه الحياة بالطريقة نفسها , وتتفتح
اوصاله مقبلة على الحياة بالدرجة ذاتها ويمضي فيها بالاستعداد نفسه باتجاه خوضها
والتفاعل مع مفاجئاتها . ومهما كان الطريق الذي يسلكه الانسان في هذه الحياة
مختلفا الا ان نتائجه في كثير من الاحيان تكون متشابهة الا فيما ندر .
هناك انسان تتلائم الظروف من حوله لتدفعه نحو الزواج وتكوين اسرة . وسواء ان اسرع او تأخر بعض الشيء لن يمر وقت طويل حتى يستجيب هذا الانسان للندائات الي تصرخ باذنه والضغوط التي تتسلط عليه فيدخل القفص الاسري راغبا او مرغما , لهذا السبب او ذاك . ثم لا يلبث هذا الانسان حتى يجد نفسه وقد تحمل مسؤولية اسرة يجب ان يتكفل بأعبائها واطفال عليه ان يربيهم ويعلمهم ويؤهلهم لتحمل اعباء الحياة بنفسهم ليكونوا قادرين على المضي بها بشكل مستقل . فيشد الحزام ويكرس الجهود ويكد بعرق تحت الشمس ويسهر الليالي ليمضي بالمهمة الى نهايتها ناسيا كل شيء اخر حتى نفسه . وما ان يحس هذا الانسان بانه قد ادى مهمته كما ينبغي ورعى باخلاص الامانة التي علقت برقبته ووصل اخيرا الى غايته وانه قد حان الوقت ليلتفت الى نفسه ليحقق لها ما تريد ويقدم لها ما تشتهي ويكافئها بما تحب حتى يكتشف بان الامور لم تعد أبدا كما كانت . فربيع العمر قد ولى وخريفه قد أتى , وهاهو قد عتب أو على وشك ان يعتب مرحلة الكهولة . والمال قد ضاع في تربية العيال والصحة لم تعد سهلة المنال والممنوعات اصبحت كثيرة ويزداد عددها باستمرار . وفوق هذا كله فان كل شيء اختلف عن ما كان بالماضي , فالسكر لم يعد حلوا كما كان يتذوقه , والجميل في الحياة لم يعد جميلا كما عرفه وما كان ممكنا بالسابق لم يعد متاحا كما كان يألفه . وفي الأخر يكتشف هذا الانسان بان عمره قد سرق منه وان أجمل ايامه قد اختطفت منه وانه خدع خديعة كبرى في مضيه بالحياة بالطريقة التي عاشها .
هناك انسان تتلائم الظروف من حوله لتدفعه نحو الزواج وتكوين اسرة . وسواء ان اسرع او تأخر بعض الشيء لن يمر وقت طويل حتى يستجيب هذا الانسان للندائات الي تصرخ باذنه والضغوط التي تتسلط عليه فيدخل القفص الاسري راغبا او مرغما , لهذا السبب او ذاك . ثم لا يلبث هذا الانسان حتى يجد نفسه وقد تحمل مسؤولية اسرة يجب ان يتكفل بأعبائها واطفال عليه ان يربيهم ويعلمهم ويؤهلهم لتحمل اعباء الحياة بنفسهم ليكونوا قادرين على المضي بها بشكل مستقل . فيشد الحزام ويكرس الجهود ويكد بعرق تحت الشمس ويسهر الليالي ليمضي بالمهمة الى نهايتها ناسيا كل شيء اخر حتى نفسه . وما ان يحس هذا الانسان بانه قد ادى مهمته كما ينبغي ورعى باخلاص الامانة التي علقت برقبته ووصل اخيرا الى غايته وانه قد حان الوقت ليلتفت الى نفسه ليحقق لها ما تريد ويقدم لها ما تشتهي ويكافئها بما تحب حتى يكتشف بان الامور لم تعد أبدا كما كانت . فربيع العمر قد ولى وخريفه قد أتى , وهاهو قد عتب أو على وشك ان يعتب مرحلة الكهولة . والمال قد ضاع في تربية العيال والصحة لم تعد سهلة المنال والممنوعات اصبحت كثيرة ويزداد عددها باستمرار . وفوق هذا كله فان كل شيء اختلف عن ما كان بالماضي , فالسكر لم يعد حلوا كما كان يتذوقه , والجميل في الحياة لم يعد جميلا كما عرفه وما كان ممكنا بالسابق لم يعد متاحا كما كان يألفه . وفي الأخر يكتشف هذا الانسان بان عمره قد سرق منه وان أجمل ايامه قد اختطفت منه وانه خدع خديعة كبرى في مضيه بالحياة بالطريقة التي عاشها .
وفي مشهد ثاني ترى انسان أخر يبدأ البداية نفسها لكنه يظل ينتظر يوما بعد يوم مجيء العيال . وبعد طول انتظار يدب في النفس اليأس من هذا الحال ويترسخ الادراك بان هناك امرا ما يجعل هذا المراد صعب المنال . وبعد استماع لهذا وذاك والنظر بنصيحة فلان وعلان يأخذ هذا الانسان بالطواف على الحكماء ويسعى طارقا ابواب العلماء , ولا يتوانى حتى من زيارة فتاحي الأفوال املا بان يحظى في الختام بولي للعهد يديم تواصل سلسلة الاسماء . وبعد صرف الكثير من الأموال والسفر الى العديد من البلدان سعيا وراء شفاء للعاهة وأزالة للمانع وكسر للمحال حتى يكتشف بانه ليس هناك من دواء لهذا الداء ولا من علاج يغير هذا الحال . فتملآ النفس الحسرة ويطغى عليها الاكتئاب ويميل الانسان الى الانطواء هاجرا الحياة وتاركا مباهجها ومبتعدا عن ملذاتها ويعيش ايامه لا يفعل شيئا غير ندب حظه الذي اصابه لان الحياة لم تعطه ما اعطت لغيره . وتمضي الآيام حزينة وكئيبة ومملة طاوية سنين العمر بين اجنحتها , وفي الآخر يكتشف هذا الانسان بان حياته قد ضاعت في ركضه وراء سراب وسعيه نحو أمل زائف وانتظار لتحقق حلم كاذب , وان الكثير من المال قد صرف في علاج علة لم يكن يرجى شفائها وانه حرم ظلما من السعادة التي كان يتمناها وانه خدع خديعة كبرى في مضيه بالحياة بالطريقة التي عاشها.
وفي ركن أخر تجد انسانا لم يتزوج لسبب ما , اما لانه لم يوفق في هذا الاتجاه أو لانه أثر ان لا يفعل ذلك عمدا وأن ينتظر . وقد يحل هذا الحال أما لسوء حظ هذا الانسان أو بسبب قلة في عقله وضعف في نباهته بما أثر على خياراته , او لعلة نفسية أثرت على قراراته . وكثيرا ما يظن هذا الانسان بانه احسن حالا من قرينه الذي تزوج بكل الاشياء , فهو متخم بالحرية التي يتمناها المتزوج , وجيوبه ممتلئة بالمال الذي ينفقه على غيره المتزوج , وهو مرتاح البال ومطمئن الخاطر اللذان يفتقدهما أي متزوج . وكتعبير عن هذه التميز يسرف هذا الانسان بالتمتع باللذائذ والانغماس بالشهوات والانغمار في العبث حتى تفقد كل هذه الاشياء طعمها فتغدوا في فمه عديمة المذاق . وكلما فقدت شهوة ما طعمها في حواس ذلك الانسان حتى تجده قد أخذ يبحث عن شهوة اخرى أمضى قوة وأعمق تأثيرا فتأخذ الصحة بالتدهور ويفقد الشكل رونقه وتدب الشيخوخة بالجسد قبل اوانه . وما هي الا برهة حتى يتدمر جميع الحال وتتحطم بواطن النفس وتتغلغل الامراض وتتفاقم العلل فلايجد هذا الانسان من يعتني به او يطبب جراحه او حتى من يسأل عنه . وفي الآخر يكتشف هذا الانسان خطأ خياراته وسوء تقديره ويرى بان حياته قد ذهبت هباءا منثورا وانه سيغادرها وكأنه لم يكن موجودا فيها ويدرك بانه خدع خديعة كبرى في مضيه بالحياة بالطريقة التي عاشها .
وفي زاوية بعيدة لا تلفت الانظار تجد انسانا قد قرر ان يمضي بهذه الحياة بطريقة أخرى وان يختط لنفسه طريقا مختلفا . فمنذ صغره , شغلت هذا الانسان امور لا تشغل بقية الناس ورأى بانه يهتم باشياء لا يهتم بها بقية البشر وشعر بانه يريد ان يحقق مالم يحققه غيره من الناس فقرر ان يضع لنفسه اهداف كبيرة وان يكرس كل حياته من اجل تجسيدها وتحقيقها . لم يكن هذا الانسان غير طبيعيا , فقد تزوج كما فعل غيره وانجب كما عمل أقرانه وادى مسؤولياته كأي انسان يشبهه , لكن ذلك لم يبعده ابدا عن طريقه الذي اختطه ولم يحرفه مطلقا عن مساره الذي يوصله لغاياته . ولم ينسى هذا الانسان ايضا حقوق نفسه ولم يتأخر في تلبية حاجاتها ورغباتها , غير ان السعادة التي كان يجد نفسه مغمورا بها نتيجة لمضيه بطريقة واقترابه من تحقيق اهدافه كانت أكبر مكافأة يقدمها لنفسه وهي تفوق اي رغبة اخرى تريدها . وبعد قطع المسيرة بمثابرة وجد والوصول الى الاهداف الموضوعة بنجاح وأتقان يكتشف هذا الانسان بان حياته التي عاشها كان لها معنى كبير وان متعته بالانجاز الذي حققه بعد كل الجهد المبدع الخلاق الذي بذله تفوق كل وصف وتطغى عل كل متعة او شهوة . وفي الاخر يكتشف هذا الانسان بانه هو الذي سرق من الحياة اوقات تفوق ايامه التي قضاها فيها لان اسمه تخلد بها على مدى العصور والازمان , وانه هو الذي خدع الحياة خديعة كبرى في مضيه فيها بالطريقة التي عاشها لانه سخرها كلها لكي تخدم اغراضه وجعلها كمطية يمتطيها وصولا لتحقيق اهدافه .
وسام الشالجي