أيامي , موقع ثقافي يعني بالمواضيع الثقافية والتاريخية والتراثية والفنية . مسؤول الموقع ومديره (د. وسام الشالجي) .
اخر المواضيع في المدونة
الأحد، 9 ديسمبر 2012
متى سيستطيع الانسان ان يفكر ويتسائل بحرية
منذ ان خلقت على هذه الارض وألاف الأسئلة تجول برأسي وتتصارع بذهني . معظم هذه الاسئلة ممنوع علي ان اطرحه , وحتى ان لم يكون ممنوعا علي طرحه فهو , وبصراحة قد يفتح علي نار جهنم ان طرحته . دائما ما أجد بأن هناك عشرات الخطوط الحمراء التي لا يجوز لي التقرب منها ولا يمكنني مناقشتها ابدا لانها من المحرمات او الممنوعات . بل ان الامر وصل الى درجة التخويف والترويع حتى من طرح التساؤل على النفس وليس على الاخرين . لقد شغلني هذا الموضوع بذاته لفترة طويلة , وكنت اسأل نفسي دائما واقول "لماذا محرم علي ان افكر بالكثير من الاشياء بحرية ؟ ومتى استطيع ان اتسائل بامور تتعلق بهذه الاشياء بحرية تامة دون ان اخشى شيئا ؟" وحين اتكلم عن حرية التفكير وحرية التساؤل اقصد بها الاسئلة التي تتعلق بكل الاشياء مهما كان نوعها ومهما كانت طبيعتها سواء ان كانت دينية او سياسية او اجتماعية . نعم , كل الاشياء ودون قيود ودون حواجز او ممنوعات وضعت لهذا السبب او ذاك مهما كان نوع التساؤل . وبعد تفكير ملي وعميق اخذ مني زمنا طويلا ادركت لماذا منع حق التفكير والتساؤل في كثير من الاشياء وحرم طرقه وحتى التقرب منه , وعرفت لماذا زرع فينا التخويف والترويع وسلط علينا الايذاء اذا ما حاولنا طرق مواضيع محددة وطرحنا انواعا معينة من الاسئلة لانه وببساطة لا يوجد جواب منطقي لها يمكن ان يرضي او يقنع من يتسائل عنها . ولكي لا يدحض الفكر السائد في نظرية معينة سائدة ولا تتبدد القناعات المتعلقة بها والتي يمكن ان تهتز اذا ما نوقشت بعض امورها بمطلق الحرية فقد منع التساؤل قطعيا بشأن اشياء معينة فيها لان ذلك قد يؤدي الى هز كيانها ووجودها بالاساس . لهذا بقينا نعيش كما عاش الأولون كـ (عرائس القرقوز) تحرك من الاعلى بخيوط لاترى وتوجه بوجهات محددة تضمن دائما بقاء الامور على ما هي عليه . واذا ما ظهر كائن من كان من يحاول طرح التساؤلات الواقعية حول فكرة سائدة بما يمكن ان يجعل القناعة بها تهتز قضي عليه شر قضاء وجعل أمثولة لمن يمكن ان يسير بطريقه في يوم من الايام . انا لا اتحدث هنا عن فكرة معينة او نظرية سياسية او عقيدة او دين لانها جميعا تشترك بهذه الحالة وجميعها يكشر انيابه على من يطرح اي موضوع قد يأتي بفكرة مضادة او يستنتج رأي معاكس او حتى يناقش مسائل جوهرية في قواعد نظرياتها . كما اني لا احصر كلامي هذا بشرقنا الذي نعيش به لان الغرب لم يكن مختلفا عن الشرق في مثل هذا التوجه كما حصل في فترات الاضطهاد الديني لبعض المجموعات في اوربا خلال القرون الوسطى وما حصل للمعارضين السياسيين فيها ايام سواد حكم الدكتاتوريات في النصف الاول من القرن العشرين . لكن الفرق هو ان حدة مواجهة التساؤل خفت كثير في الغرب وتضائلت حتى وصلت الى مستويات متدنية جدا خلال عصرنا الحالي , بينما ظل شرقنا الذي نعيش فيه يتمتع بالاولوية القاطعة في تحريم التفكير في الكثير من الاشياء ومنع التساؤل وحمل روح المعارضة منذ مئات السنين حتى يومنا هذا , ومن لم يقتله السلطان اذا ما فكر احد او اراد ان ينظر بالضد في فكرة معينة قتلته جموع الغوغاء المستعدة لتقديم رأسه قربانا للسلطان , او ربما قربانا لاحقادها ونفوسها المريضة .
متى سيستطيع الانسان ان يفكر ويتسائل بحرية
2012-12-09T19:00:00-08:00
Wisam Alshalchi
المقالة
|
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة
(
Atom
)