اخر المواضيع في المدونة

الخميس، 16 يناير 2014

شخصيات تاريخية - قاسم نعمان السعدي






قاسم نعمان السعدي (1929 – 1965(

لا تتوفر الكثير من المعلومات عن هذه الشخصية , لكني ساقوم بعرض ما اعرفه عنه من معلوماتي وقراءاتي ومن ما يتوفر عنه من مصادر . ولد قاسم نعمان السعدي ببغداد الكرخ محلة سوق حمادة عام 1929 من أسرة كرخية في يوم الاثنين السادس من آيار 1929 . درس في المدرسة الفيصلية الابتدائية للبنين بالكرخ سوق الجديد ثم في ثانوية الكرخ فالاعدادية المركزية ببغداد في الفرع العلمي ثم دخل كلية الحقوق - جامعة بغداد وتخرج فيها ومارس المحاماة لفترة قليلة . كان يعشق العمل الاذاعي فتقدم للإذاعة وهو لازال طالبا بالكلية وتم اختباره واجتاز الإختبار فعيّن في دار الاذاعة العراقية مذيعاً عام 1948 . كان قاسم نعمان السعدي يرافق الملك فيصل الثاني في جولاته المنقولة إذاعياً .

 كان يمتلك مهارة في الالقاء واتقان اللغة العربية ، وكان ذا صوت رخيم وعرف عنه ايضا توجهاته القومية . إنضم إلى طاقم المذيعين بإذاعة بغداد وبعد فترة قصيرة صار الاشهر والافضل بينهم . اصبح المرافق الغذاعي للملك فيصل الثاني حيث كان ينقل من خلال ميكرفون الإذاعة المتنقل تفاصيل زياراته وجولاته . وبعد إفتتاح تلفزيون بغداد عام 1956 صار قاسم نعمان السعدي هو الذي يذيع منه نشرة الاخبار بالساعة الثامنة مساء كل يوم . حين حدثت ثورة 14 تموز عام 1958 كان السعدي من السباقين الذين توجهوا للاذاعة بعد اذاعة البيان الاول للثورة من قبل العقيد الركن عبد السلام عارف . وكانت دار الاذاعة في الصالحية شبه خالية حين سيطر عليها عبد السلام عارف صبيحة ذلك اليوم لكونه قد فعل ذلك قبل ان يبدأ البث الرسمي للأذاعة كل يوم . وبمساعدة القليل من الفنيين الموجودين في دار الاذاعة ومجيء المذيعة عربية توفيق التي افتتحت البث اليومي بصوتها قام بعدها العقيد الركن عبد السلام عارف باذاعة البيان الاول للثورة وبعض البيانات اللاحقة . وكان عبد السلام عارف قد طلب من الموجودين تزويده ببعض الاغاني والاناشيد الوطنية المصرية لاذاعتها مع بيانات الثورة لكن هؤلاء لم يكونوا يعرفون اين هي موجودة ولا طريقة بثها مما اضطره الى اذاعة تلك البيانات من دون موسيقى او اي مؤثرات صوتية . وبعد وصول المذيع قاسم نعمان السعدي , الذي هرع مسرعا الى دار الاذاعة بعد سماعه بالحركة ابدى تأييده لها وعرض تعاونه مع عبد السلام عارف واخرج على الفور تلك الاغاني والاناشيد , وعلى رأسها نشيد (الله اكبر) المصري واخذ يبثها من الاذاعة في فترات ما بين اذاعة البيانات , وقد ساهم هذا مساهمة كبيرة في نجاح الثورة واثارة الحماس لدى المواطنين . وبعد وصول الانباء بنجاح الثورة توقف عبد السلام عارف عن اذاعة بيانات الثورة وتولى قاسم نعمان السعدي هذه المهمة واخذ يذيع بيانات حكومة الثورة ومراسيمها الجمهورية في بقية ذلك اليوم والايام اللاحقة . وبالنظر لاراء قاسم نعمان السعدي السياسية القومية وتدينه فقد اصبح شديد الارتباط بعبد السلام عارف الذي كان يحمل نفس هذه التوجهات . وبعد الثورة أرسل الى القاهرة سنة 1958 للدراسة في معهد التدريب الاذاعي . وبعد اقالة عبد السلام عارف وسيطرة الشيوعيين على الحكم انزوى قاسم نعمان السعدي بعض الشيء وقل حضوره وظهوره في العلن , لكنه كان يشاهد أحيانا وهو يغطي بعض جولات الزعيم عبد الكريم قاسم . وفي يوم 8 شباط 1963 قامت حركة ضد نظام حكم الزعيم عبد الكريم قاسم وإتصل الزعيم بالإذاعة وكان من أجابه هو قاسم نعمان السعدي حيث ابلغه الزعيم بأنه سيرسل أليه خطابا مسجلا ليذيعه من محطة تلفزيون بغداد الذي لم يكن قد سيطر عليه الإنقلابيون بعد . حضر إلى الإذاعة مرافق الزعيم حافظ علوان وسلم البكرة التي فيها تسجيل خطاب الزعيم إلى قاسم نعمان السعدي لكنه لم يذيعه بل سلمه لقادة الحركة بعد سيطرتهم على الإذاعة . كان قاسم نعمان السعدي من اوائل الذين إستقبلوا عبد السلام عارف بعد وصوله للإذاعة مع أحمد حسن البكر وبقية قادة الحركة , وقد تكرر نفس الدور الذي قام به السعدي مع ثورة تموز حيث شارك لاحقا بإذاعة  بيانات العهد الجديد . وكان لأنطلاق صوت قاسم نعمان السعدي من دار الاذاعة من جديد صبيحة ذلك اليوم واذاعته لبعض بيانات الحركة تصريحا واضحا لهوية النظام الجديد . اصبح قاسم نعمان السعدي رئيسا للمذيعين في دار غذاعة وتلفزيون بغداد , لكن بعد أن توضحت هوية النظام الجديد عاد غلى الإنزواء وقلة الحضور في واجهة الأحداث . وبعد حركة 18 تشرين الثاني عام 1963 كان قاسم نعمان السعدي في القاهرة فأخذ يذيع بيانات الحركة من اذاعة صوت العرب ، وقد ارسل إليه عبد السلام محمد عارف طائرة لاعادته الى بغداد  .

أصبح قاسم نعمان السعدي ذو مرتبة رفيعة في دار الاذاعة والتلفزيون العراقية بالعهد الجديد واصبحت لمساته واضحة في اختيار نوعية المذيعين الجدد ممن كانوا يماثلونه في الاراء السياسية والتوجهات الدينية مثل المذيع (سليم المعروف) الذي يتذكر بكائه الكثيرين اثناء مراسيم تشييع ودفن الرئيس عبد السلام عارف . نقل الى وكالة الانباء العراقية وسافر الى القاهرة مرة اخرى في 21 شباط 1964 حيث عين ملحقا صحفيا هناك . وبعد فترة عاد الى بغداد حيث عيّن ايضا ملحقا أعلاميا  في بيروت ومديراً لمكتب وكالة الانباء العراقية هناك بالوكالة . وحين تم نقله ملحقا" اعلاميا" بسفارة العراق في بيروت وَدَّعه زملاؤه بمطار بغداد ولم يعلموا ان هذا هو اخر توديع له حيث توفي في بيروت 1965 في ظروف غامضة واعيدت جنازته للعراق . شيع في بغداد وسار خلف جنازته الألاف من محبيه ودفن في غرفة إلى جانب شقيقه قصي بجامع بناه والده بمنطقة الداودي بالمنصور في بغداد . واتذكر باني مررت في اواخر الثمانينات باحد الشوارع التي تقع خلف مطعم الساعة في المنصور وقرأت لافتة على أحد الجوامع تحمل عنوان (جامع الشهيدين قصي وقاسم نعمان السعدي) . 

اثارت شخصية الإذاعي والإعلامي قاسم نعمان السعدي الكثير من الجدل بسبب مواقفه المتباينة من الحكام الذين توالوا على حكم العراق وإعتبره البعض وصوليا ومتملقا , لكن الثابت ولا يقبل الجدل إنه كان عروبيا وذو فكر قومي وإسلامي ولم يعرف عنه أي إنتماء حزبي أو سياسي . رحم الله الإذاعي والإعلامي قاسم نعمان السعدي واسكنه فسيح جناته .

وسام الشالجي