مرت في تاريخ كلية العلوم - جامعة بغداد شخصيات عديدة لاساتذة ومعيدين
وحتى موظفين بينهم الجدي الصارم وبينهم الطريف الخفيف الظل . ومن بين
الاساتذة الذين مروا على تلك الكلية مرت في اواخر عقد الستينات ومعظم عقد
السبعينات شخصية طريفة لاستاذ استطيع ان اقول عنه بانه ذو شخصية فريدة من
نوعها لما يتمتع به من مزايا وخصائص جميلة ، تلك هي شخصية الدكتور جواد
البدري الاستاذ في قسم الكيمياء . كان الدكتور جواد البدري متخرج من
الاتحاد السوفيتي ومتخصص في الكيمياء التحليلية ، وكان يرتدي دائما نظارة
شمسية سوداء تتوافق مع سواد البدلات التي اعتاد على ارتدائها . التقيت بهذه
الشخصية لاول مرة بحياتي بعد ان داومت بكلية العلوم في سنتي الاولى بها
عام ١٩٦٨ ، واعتقد انها كانت ايضا سنته الاولى فيها كأستاذ محاضر بالكلية .
دخلنا درسه في الكيمياء العامة لاول مرة في القاعة ١٠٨ التي كانت تقع ضمن
قسم النبات والمجاورة لمختبرات الكيمياء للصف الاول حيث دخل علينا
بابتسامته المعهودة والتي لم تفارقه في اي مرة رأيته فيها طيلة وجودي
بالكلية وكان يحمل كم كبير من الكتب وضعها على طاولة الاستاذ أمامه وابتدأ
بالتدريس متنقلا من موضوع الى موضوع اخر . كان محور تدريسه دائما يدور حول
الكيمياء التحليلية والتي يستطيع اي مستمع له ان يكتشف بسرعة بانها اختصاصه
الدقيق . وفي نهاية اول محاضرة اعطاها لنا طلب منا ان نقرأ ما يعادل حوالي
مئة صفحة من كتاب الكيمياء التحليلية النوعية للمؤلف (فوگل) وايضا ما
يعادل حوالي مئة صفحة من كتاب اخر لنفس الموضوع لكن من تأليف كاتب روسي هو
(كولثوف) .
توالت محاضرات الدكتور جواد البدري لنا بعدها وبسرعة عرفنا عنه انه انسان بسيط ومتواضع ومتساهل ولا يتشدد مع الطلاب ابدا . إستغل الكثير من الطلاب بساطته هذه وتساهله وأصبح إنضباطهم اثناء محاضراته ضعيفا ، لذا فقد اصبح من العادي جدا ان تجد هذا الطالب يتكلم مع زميله وذاك يقاطع الاستاذ ليسأل سؤال ربما حتى لا يتعلق بالموضوع ، وأخر يضحك ويتمازح مع صديقه واخر يغادر القاعة من ابوابها الخلفية حين يكون الاستاذ منشغلا بالكتابة على السبورة , الخ . ومع بساطته وتواضعه فقد كان الدكتور جواد البدري ضليعا في علمه متمكنا من تخصصه وبنفس الوقت يتمتع بروح الدعابة والطرفة والنكتة ، وكان كثيرا ما يطلق الكلمات المازحة اثناء تدريسه وشرحه لاي موضوع هو بصدده ليضحك الطلاب مما جعله يدخل قلوبهم ويحبونه بدرجة كبيرة . وكما درسنا درس الكيمياء العامة النظري فقد كان يحضر ايضا بالدروس العملية التي كنا نقيمها بالمختبرات الواقعة خلف القاعة ١٠٨ ، وكان موضوعها بوقتها فصل العناصر الفلزية عن بعضها حسب مجموعاتها . ومن ضمن عملية الفصل كانت هناك خطوة لضبط حامضية المحلول تتضمن وضع صبغة معينة ثم اضافة قطرات من حامض او قاعدة حتى يصبح لون المحلول ازرق فيه خيط من الخضار . كنا نقوم بهذه العملية ثم ناخذ قنينة الاختبار ونذهب اليه لكي نسأله ان كنا قد وصلنا الى الحامضية المطلوبة ام لا ، ومن الغريب انه كان يجيبنا على سؤالنا بعد ان ينظر الى لون المحلول بدقة دون ان ينزع نظارته ودائما ما يكون جوابه صحيحا وكنا نتعجب كيف يتمكن من رؤية اللون وهو يرتدي نظارة غامقة .
لم يدرسنا الدكتور جواد البدري مرة اخرى باستثناء تلك السنة ومع ذلك ظلت علاقتنا به قوية طيلة فترة وجودنا بالكلية ، وكثيرا ما كان يقف ويتحادث معنا حين نراه في ممرات الكلية ليسأل عن أحوالنا ودراستنا . ظل الدكتور جواد البدري بنظر معظم من عاصروه وعاشروه انسان ذو شخصية لطيفة وطريفة تبعث الراحة بالنفس ، ويبدوا ان شخصيته المازحة كانت كذلك حتى مع بقية الاساتذة ، فمما عرفته عنه انه كان يطلق النكات والطرائف في احاديثه وتعليقاته معهم في اغلب المناسبات . ومن الطرائف التي سمعتها عنه انه وبعد سن قانون الخدمة الجامعية عام ١٩٧٥ الذي فرض التفرغ الجامعي على الاساتذة لكي ينالوا المخصصات الجامعية كان يتمازح حول هذا القانون فيقول بعد كل مرة يخرج بها من المرافق الصحية انه كان يعمل على تطبيق ذلك القانون ويمارس عملية (التفرغ) .
في اواخر السبعينات نقل الى وزارة الصناعة وانقطعت عنا اخباره , وقد سمعت قبل عدة سنوات بانه انتقل للعيش في بريطانيا مع ولده . وبعد ان عرفت ذلك ارسلت له ايميل عن طريق ولده (حيدر) فاجابني مشكورا بان والده بخير لكن عمره الكبير لا يتيح له الكتابة والتواصل مع الاخرين . متع الله الدكتور جواد البدري بالصحة والعافية والعمر المديد انه سميع الدعاء .
توالت محاضرات الدكتور جواد البدري لنا بعدها وبسرعة عرفنا عنه انه انسان بسيط ومتواضع ومتساهل ولا يتشدد مع الطلاب ابدا . إستغل الكثير من الطلاب بساطته هذه وتساهله وأصبح إنضباطهم اثناء محاضراته ضعيفا ، لذا فقد اصبح من العادي جدا ان تجد هذا الطالب يتكلم مع زميله وذاك يقاطع الاستاذ ليسأل سؤال ربما حتى لا يتعلق بالموضوع ، وأخر يضحك ويتمازح مع صديقه واخر يغادر القاعة من ابوابها الخلفية حين يكون الاستاذ منشغلا بالكتابة على السبورة , الخ . ومع بساطته وتواضعه فقد كان الدكتور جواد البدري ضليعا في علمه متمكنا من تخصصه وبنفس الوقت يتمتع بروح الدعابة والطرفة والنكتة ، وكان كثيرا ما يطلق الكلمات المازحة اثناء تدريسه وشرحه لاي موضوع هو بصدده ليضحك الطلاب مما جعله يدخل قلوبهم ويحبونه بدرجة كبيرة . وكما درسنا درس الكيمياء العامة النظري فقد كان يحضر ايضا بالدروس العملية التي كنا نقيمها بالمختبرات الواقعة خلف القاعة ١٠٨ ، وكان موضوعها بوقتها فصل العناصر الفلزية عن بعضها حسب مجموعاتها . ومن ضمن عملية الفصل كانت هناك خطوة لضبط حامضية المحلول تتضمن وضع صبغة معينة ثم اضافة قطرات من حامض او قاعدة حتى يصبح لون المحلول ازرق فيه خيط من الخضار . كنا نقوم بهذه العملية ثم ناخذ قنينة الاختبار ونذهب اليه لكي نسأله ان كنا قد وصلنا الى الحامضية المطلوبة ام لا ، ومن الغريب انه كان يجيبنا على سؤالنا بعد ان ينظر الى لون المحلول بدقة دون ان ينزع نظارته ودائما ما يكون جوابه صحيحا وكنا نتعجب كيف يتمكن من رؤية اللون وهو يرتدي نظارة غامقة .
لم يدرسنا الدكتور جواد البدري مرة اخرى باستثناء تلك السنة ومع ذلك ظلت علاقتنا به قوية طيلة فترة وجودنا بالكلية ، وكثيرا ما كان يقف ويتحادث معنا حين نراه في ممرات الكلية ليسأل عن أحوالنا ودراستنا . ظل الدكتور جواد البدري بنظر معظم من عاصروه وعاشروه انسان ذو شخصية لطيفة وطريفة تبعث الراحة بالنفس ، ويبدوا ان شخصيته المازحة كانت كذلك حتى مع بقية الاساتذة ، فمما عرفته عنه انه كان يطلق النكات والطرائف في احاديثه وتعليقاته معهم في اغلب المناسبات . ومن الطرائف التي سمعتها عنه انه وبعد سن قانون الخدمة الجامعية عام ١٩٧٥ الذي فرض التفرغ الجامعي على الاساتذة لكي ينالوا المخصصات الجامعية كان يتمازح حول هذا القانون فيقول بعد كل مرة يخرج بها من المرافق الصحية انه كان يعمل على تطبيق ذلك القانون ويمارس عملية (التفرغ) .
في اواخر السبعينات نقل الى وزارة الصناعة وانقطعت عنا اخباره , وقد سمعت قبل عدة سنوات بانه انتقل للعيش في بريطانيا مع ولده . وبعد ان عرفت ذلك ارسلت له ايميل عن طريق ولده (حيدر) فاجابني مشكورا بان والده بخير لكن عمره الكبير لا يتيح له الكتابة والتواصل مع الاخرين . متع الله الدكتور جواد البدري بالصحة والعافية والعمر المديد انه سميع الدعاء .

