اخر المواضيع في المدونة

الأربعاء، 9 يناير 2013

مالذي يعيق تطبيق الاقتصاد الحر في العراق

بقلم:  وسام الشالجي

منذ عام 2003 والهدف المعلن لجميع الحكومات التي تعاقبت على الحكم في العراق هو تغيير مسار عجلة الاقتصاد من الاقتصاد المركزي الموجه الى الاقتصاد الحر . ان اي متتبع لدوران عجلة الاقتصاد من حينها يلاحظ بان مثل هذا التحول لم يحدث قط , بل بالعكس فان الاقتصاد المركزي وفي كثير من حلقاته ترسخ اكثر من السابق . وللوقوف على المعوقات التي تحول دون تطبيق ذلك لابد اولا من اخذ فكرة موجزة لكلا النوعين من الاقتصاد . النظام الاقتصادي الحر (اقتصاد السوق) معروف منذ القدم وهو يعني بان تتخلى الدولة عن ممارسة اي نشاط ربحي مهما كان نوعه لصالح القطاع الخاص سواء ان كان مؤسسات او افراد , وان تكتفي فقط بادارة بعض النشاطات الاساسية في الدولة مثل الدفاع والامن وتقديم انواع محددة من الخدمات . وتأتي موارد الدولة في هذا النظام من فرض الضرائب ثم تقوم بانفاقها على نشاطاتها , وهي لذلك لا تملك الا عدد محدود من العاملين . وهذا النظام معتمد حاليا في معظم دول العالم خصوصا الدول الغربية . اما الاقتصاد المركزي (الأقتصاد الاشتراكي) فيعني بأن تمتلك الدولة جميع وسائل الانتاج وان تصب جميع الموارد في خزينة الدولة , كما يعني بان يكون جميع العاملين في الدولة موظفين يعملون لديها . طبق هذا النوع من الاقتصاد لاول مرة في الدول الاشتراكية ثم انتقل تطبيقه الى كثير من دول العالم الثالث ومن بينها العراق . ولكل من النظام الحر والنظام الاشتراكي ميزات ايجابية وسلبية يعتمد تقييمها في سلم الافضلية على الفكر السياسي والطبيعة الاجتماعية للاشخاص . فالمعروف عن النظام الحر بانه نظام تنافسي يعتمد على زيادة معدلات الانتاج ورفع مستوياته نوعيا بقدر ما هو ممكن لتحقيق اعلى مستوى من الارباح . وفي القديم جرى تحقيق هذه الغاية بأسلوب استغلالي قهري يتضمن امتصاص جهود وقدرات العاملين الى اقصى درجة ممكنة من اجل تحقيق اعلى وتيرة في الانتاج كميا ونوعيا مقابل ادنى حد من الاجور والامتيازات . وقد ادى تطبيق هذا النظام الى ظهور طبقة صغيرة فاحشة الثراء تملك وسائل الانتاج , مقابل شريحة معدمة واسعة من الطبقة العاملة لا تملك شيئا وتعيش دون مستوى الفقر . ونتيجة لهذا الحال ظهرت للوجود فكرة النظام الاشتراكي كصيغة جاءت للرد على القهر والاستغلال الذي كان يتعرض له العاملين , فقد نقل هذا النظام ملكية وسائل الانتاج من ملكية خاصة الى ملكية عامة كما سن قوانين جديدة تضمن حقوق العاملين ومستقبلهم . الا ان تطبيق هذا النظام اظهر حقائق لم تكن معروفة من قبل , او على الاقل لم يحسب من وضعوه حسابها . ان اول ما افرزه التطبيق الفعلي للنظام الاشتراكي هو انخفاض معدلات الانتاجية والذي يرجع سببه الى وجود الاجور كأستحقاق ثابت لا مساس عليه سواء ان عمل الانسان بوتيرة عالية ام لم يعمل . الامر الثاني هو قتله للحافز الطبيعي الموجود داخل الانسان للابتكار والابداع بسبب تساوي الاجور والامتيازات بين الجميع مما جعل مستوى ورقي المنتوج يتراجع باستمرار مع مضي تطبيق هذا النظام حتى باتت منتجاته قبيحة ومتدنية في كل شيء اذا ما قورنت بمنتجات الاقتصاد الحر . حسن النظام الاشتراكي المستوى المعاشي للفئات العاملة كما ضمن لهم حقوق معينة الا انه لم ينقلهم ابدا الى الرفاهية التي كان يعدهم بها . وبالمقابل صادر هذا النظام ثروات الطبقة الغنية وساواهم بالطبقات المعدمة حتى اصبح احسن وصف له بانه (النظام الذي يوزع الفقر بعدالة على الجميع) .         

ان من الطبيعي ان يتطلع اي اقتصاد الى ايجاد اسواق تستوعب منتجاته , وبالفعل فمنذ بدأ تطبيق النظام الاشتراكي في اوائل القرن العشرين حدث بينه وبين النظام الحر صراع وجود مصيري للسيطرة على اسواق العالم . ولان منتجات النظام الاشتراكي كانت لا تقارن في عالم المنافسة الحرة في الكم والمستوى مع منتجات النظام الحر فقد انتقل هذا الصراع من شكله الفني الى صراع سياسي . لقد ادركت الانظمة الاشتراكية هذه الحقيقة وعرفت بانها لن تستطيع ان تكسب الاسواق عن طريق المنافسة لذلك اتجهت الى كسبها عن طريق السيطرة السياسية . ولتحقيق ذلك قامت الانظمة الاشتراكية بدعم حركات التحرر الوطني التي ظهرت في اربعينيات القرن الماضي في دول العالم الثالث على امل السيطرة على اسواق تلك الدول بعد وصول تلك الحركات الى الحكم فيها . وبالفعل تمكنت من ايجاد الكثير من الدول التي سارت في فلك الانظمة الاشتراكية واصبحت اسواقها حكرا على منتجاتها لمدة طويلة . ومن جهتها لم ترغب تلك الحركات بعد وصولها للحكم بان تتخلى عنه من خلال تداول السلطة بشكل ديمقراطي لانها اعتبرته استحقاقا ثابتا لها فتمسكت به بكل قوة متاحة مما جعل حكم معظم تلك الحركات شموليا . وقد أدركت تلك الحركات ايضا بأن النظام الحر يشكل خطرا عليها لعدة اسباب اهمها قدرته على خلق الثروة لدى المؤسسات والافراد , ولانها تعلم من تجربتها بأن المال هو قوة يمكن ان تستخدم ضدها نجد ان معظمها تبنت النظام الاشتراكي ليس لايمانها به بالضرورة , بل لانه الوحيد الذي يبقي الثروة محصورة بيد الدولة مما يسهل السيطرة على المجتمع .

ظل هذا الحال قائما لعدة عقود اخذ فيها النظام الحر يصحح نفسه خلالها ويتجاوز سلبياته كما حدث في دول الاتحاد الاوربي . فقد قامت الحكومات بسن قوانين عمل تضمن للافراد العاملين حقوق تقاعدية والتأمين الصحي وتحدد ساعات العمل , وتسمح لهم بانشاء نقابات تدافع عن حقوقهم امام المحاكم , كما قدمت للعاطلين منح مالية تضمن لهم الحد الادنى من المعيشة اللائقة طالما ظلوا بدون عمل . وقد تغير الحال بالنسبة لأرباب العمل ايضا وذهب عهد القهر والاستغلال واخذ هؤلاء يقومون بتحسين ظروف العمل ورعاية العاملين واستقطاب المبدعين والمتميزين من خلال الحوافز والمغريات التي يقدموها لهم . دفعت هذه التغيرات تلك الدول بقوة الى الامام وساهمت في تطوير المجتمع وازدهاره من كل النواحي واشاعت فيه روح الرفاهية والتقدم . وبالمقابل كان النظام الاقتصادي الاشتراكي يتراجع في كل شيء ابتداء من تدهور معدلات الانتاجية وتدني مواصفاتها وصولا الى انخفاض مستويات المعيشة وانتشار الفقر والتأخر وانعدام الرفاهية في المجتمع بكل صورها . وقد اصبحت معظم المؤسسات التي تدار مركزيا مشاريع خاسرة مما دفع بالدولة الى فرض قوانين صارمة لزيادة الانتاج وتحسين مستوياته فتحولت الدولة بذلك الى وسيلة القهر التي جاء هذا النظام الاقتصادي بالاساس لتجاوزها . استمر هذا التراجع حتى واجهت الدول الاشتراكية السقوط الحتمي في اوائل تسعينات القرن الماضي . اما دول العالم الثالث التي سارت في فلك تلك الدول فهي ايضا اما واجهت نفس المصير الذي حصل للدول الاشتراكية , او قررت من نفسها التحول نحو الاقتصاد الحر , باستثناء بعض الدول التي لا زالت الحركات الحاكمة فيها تقبض على السلطة بقوة مثل كوريا الشمالية وكوبا والتي تشهد مجتمعاتها تأخرا كبيرا في كل شيء .   

تم تطبيق الأقتصاد المركزي لاول مرة في العراق عام 1964 حين قامت الحكومة بتأميم البنوك والمؤسسات الصناعية والتجارية الكبيرة وصادرت جميع ممتلكاتها واخضعتها الى الادارة المباشرة للدولة . كان العراق يختلف عن الدول الاشتراكية في كونه بلد يمتلك موارد نفطية كبيرة تمثل العمود المركزي الذي يستند عليه اقتصاد الدولة , وكان يمكن للعراق ان يكون دولة مزدهرة ومرفهة لولا الاضطراب السياسي والسياسات الاقتصادية الخاطئة التي اتبعتها الحكومات التي تعاقبت في العراق . تم التوجه نحو النظام الاشتراكي بذريعة حماية الطبقة العاملة واصلاح الاقتصاد , لكن الرغبة الحقيقية للحكومة بالسيطرة على كل شيء في البلد كانت في الواقع هي السبب الحقيقي وراء ذلك التوجه . تحولت معظم الشركات التي تم تأميمها الى مؤسسات خاسرة , وكان العجز المالي الناتج من خسارة تلك المؤسسات يغطى من خلال الموارد النفطية . ظلت السياسة العامة للدولة والتوجيه المركزي تدفع نحو انشاء المزيد من المؤسسات الحكومية , وظل جسم الدولة ينتفخ ويتضخم حتى وصل الى قمة الترهل في اواسط الثمانينات حين اقدمت الدولة على ما يسمى بالثورة الادارية والتي حاولت فيها ترشيق هيكلية الدولة برفع الاغطية والغاء بعض المؤسسات والاستغناء عن العمالة الفائضة والبطالة المقنعة من خلال حملة التفييض . كما اتبعت الدولة في حينها نظاما جديدا سمي بالنظام المختلط يهدف الى ايجاد قطاع خاص مسيطر عليه من قبل الدولة استند على تحويل بعض المؤسسات الى شركات مساهمة تمتلك فيها الدولة جزء من رأس المال والباقي يباع الى الافراد بشكل اسهم . لم يكن المضي بهذا الاجراء سليما ومخلصا لان المؤسسات التي تم تحويلها الى شركات مساهمة لم تكن اصلا مؤسسات تعاني من الخسارة بل بالعكس كانت مؤسسات مربحة , كما استحوذ على القسم الاعظم من اسهمها فئة من الاشخاص فاصبحوا بذلك هم المستفيدين الرئيسيين من هذا الاجراء بسبب ما اخذوا يجنوه من ارباح . لم تستطع هذه الاجراءات حل مشاكل الاقتصاد العراقي المتدهور وتحول النظام الاقتصادي بعد هذا التغيير الى نظام هجين اخذ السيء من كلا النظامين الاقتصادين دون ان يحل مشاكل البلد . وقد ظهرت اعراض اتباع هذا التخبط بشكل جلي في التسعينات بعد فرض الحصار الاقتصادي حيث تدهور الاقتصاد كليا وشاع التضخم بشكل هائل وتضائل دخل الفرد الى درجة كان واضحا منها بان البلد سائر الى الهاوية . كانت الدولة تلقي كل تبعات فشلها على عاتق الحصار , وكان المواطنون ينتظرون رفعه بلهفة دون ان يدرك احد بان ذلك لو حدث في حينها لانهار البلد بشكل اسوأ من وجود الحصار نفسه لأن الديون المترتبة على البلد كانت ستدفع الى الاستحواذ على اي عائد مالي يجنيه العراق من اي نشاط اقتصادي . الشيء الوحيد الذي انقذ البلد في حينها من الكارثة هو تطبيق (برنامج النفط مقابل الغذاء والدواء) الذي حقق للعراق عائد سلعي وخدمي مضمون مما حرك من جديد عجلة الاقتصاد في البلد .

وبعد عام 2003 تعاقبت عدة حكومات على حكم العراق وارثة تركة اقتصادية ثقيلة واملة بان تستطيع اصلاح الوضع في بلد كل شيء فيه مدمر . وكان من الطبيعي بان تكون تصورات كل تلك الحكومات تتمحور حول أعتماد الاقتصاد الحر بعد ان لاحظت الرقي والتحضر الذي وصلت اليه الدول التي تتبنى هذا الاقتصاد . وبالرغم من ان هذا كان هو التوجه المعلن الا ان ذلك لم يحدث ابدا وبقى كل شيء على حاله . كان التضخم قبل عام 2003 يعود بالدرجة الاساس الى طبع العملة بشكل غير مغطى بسبب توقف العائدات النفطية . وبالرغم من كل الطبع المنفلت والغير مسؤول للعملة اثناء العهد السابق لم يزد حجم المتداول النقدي عن خمسة ترليونات دينار تقريبا كما بينت ارقام العملة المستبدلة بعد تغييرها . واليوم وبعد الغاء معظم الديون وتحقق موارد تبلغ مئات المليارات من الدولارات لم يحصل اي تحسن للأقتصاد العراقي واستمر التضخم بسبب الاستمرار في اصدار العملة المحلية حتى وصل حجم المتداول النقدي الى مئات الترليونات من الدنانير , لذلك لم يطرأ تحسن كبير على قيمة الدينار العراقي وظلت قيمته منخفضة نسبيا . ويعود سبب استمرار اصدار العملة الى قلة موارد الدولة بالدينار مما ظل يدفعها الى المزيد من الطبع لتسديد الرواتب والاجور . ومع حصول انتعاش اقتصادي لمستوى الفرد جراء الزيادة الحاصلة في الاجور الا ان التضخم ظل يمتص معظم تلك الزيادة مما يجعل تلك المكاسب مهددة بالزوال سريعا . ويمكن حصر اسباب التضخم الحالي بما يلي :

1- التضخم الهائل في حجم العمالة التي تعمل لدى الدولة ما بين عسكريين ومدنيين .
2- تعطش المواطنين السريع لتحسين حالتهم المعاشية بسبب طول فترة المعاناة التي مرت بهم مما ادى الى الضغط على الحكومات بقوة وباستمرار لرفع الرواتب والاجور .
3- الانخفاض الشديد في موارد الدولة الداخلية التي تأتي من الضرائب والكمارك وغيرها. 
4- استشراء الفساد في جسم الدولة , وانتشار الرشوة والعمولات في جميع النشاطات . 
5- توقف معظم مؤسسات القطاع الخاص عن العمل وهجرة رؤوس الاموال الى الخارج .
6- انعدام الاستثمار الاجنبي , وغياب الشركات الاجنبية عن تنفيذ العقود في العراق .
7- ضعف الاداء وتدني الخبرة والمعرفة , وهجرة معظم الكفاءات الى الخارج .

ان اي متتبع للوضع الاقتصادي في البلد حاليا يمكن ان يستدل بسهولة بان هناك امرا ما على خطأ , وان الوضع سائر الى التدهور ما لم تتخذ الاجراءات المناسبة لايقاف ذلك . وبالرغم من ان الرغبة بالتحول نحو الاقتصاد الحر كانت موجودة باستمرار لكن لم تستطع اية حكومة بعد عام 2003 ان تسلك مثل هذا الاتجاه للاسباب التالية .

1- ان التحول من الاقتصاد المركزي الى الاقتصاد الحر يصاحبه عادة فترة انتقالية تتواصل بها معاناة المواطنين , وربما حتى تزداد خصوصا في بداية هذا التحول .
2- ان عيش المواطنين لعشرات السنين في ظل نظام مركزي يوفر لهم الامتيازات بغض النظر عن مستوى وحجم الاداء لن يجعلهم يتقبلون بسهولة تحول الدولة الى اعتماد نظام اقتصادي يعتمد على المنافسة والابداع لذلك لا يواجه مثل هذا التوجه اي شعبية .
3- انحسار مجال وفرص العمل لدى اي جهة غير الدولة بسبب تدهور الوضع الامني الذي يمنع مؤسسات القطاع الخاص من العمل .
4- خشية الدولة من بيع اي مؤسسة الى القطاع الخاص بسبب ما قد يرافق ذلك من احتمال تسريح لعدد كبير من الكوادر العاملة في مثل هذه المؤسسات .
5- ضعف قدرة وامكانية القطاع الخاص لشراء وتشغيل مؤسسات الدولة التي يتم بيعها , وتخوف هذا القطاع من شراء المؤسسات الحكومية بسبب المشاكل التي يمكن ان يواجهها عند اعادة النظر في الكوادر العاملة فيها .
6- صعوبة بيع الكثير من مؤسسات الدولة الخاسرة الى القطاع الخاص لقدمها او لان منتجاتها غير قادرة على المنافسة لكونها اساسا انشأت لاغراض ليست استثمارية .
7- عزوف الشركات العالمية عن العمل والاستثمار في العراق لشتى الاسباب .
8- تدني المعرفة وانعدام الخبرة بسبب هبوط مستوى التعليم والتأهيل .

ان مثل هذه الظروف البالغة التعقيد تجعل من العسير التحول نحو الاقتصاد الحر دون تضحيات , وان اي حكومة تحاول ذلك يجب ان تتمتع بجرأة كبيرة لكي تقوم به . وقد يقول قائل مالداعي لهذا التحول طالما ان كل شيء سائر حاليا بشكل او باخر . ان هذا ممكن طالما ظلت عوائد النفط الخام تتدفق على الدولة بمعدلات كبيرة لكي تستخدم في دفع الأجور والرواتب مع تحقق فائض صغير يستخدم لدعم بعض النشاطات . ان مثل هذا الحال لن يحقق للبلد اي تنمية او تقدم بل بالعكس سيؤدي الى تراجع مستمر في كل شيء خصوصا في مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين , اضافة الى هدر حق الاجيال القادمة في الثروة النفطية . كما ان احتمال حصول المزيد من الأنخفاض في اسعار النفط , وهو امر اصبح مرجح للحدوث , سيجعل الدولة مستقبلا عاجزة حتى عن سداد الرواتب , وهذا سيحصل بالتأكيد عام 2010 اذا ما استمرت الاوضاع على ما هي عليه . ولكي لا يحدث ذلك ولا يحصل انهيار اقتصادي فأن الحال يتطلب وضع خطة للتحول التدريجي نحو الاقتصاد الحر يمكن تلخيصها بما يلي :

1- معالجة الاوضاع الامنية المتردية بفعالية قوية وتحسينها بكل الوسائل المتاحة .
2- سن القوانين التي تضمن للافراد العاملين لدى القطاع الخاص حقوق وضمانات كالرواتب التقاعدية والضمان الاجتماعي والتأمين الصحي وغيرها .
3- تأسيس النقابات وسن القوانين المناسبة لها لكي تستطيع الدفاع عن منتسبيها .
4- تطوير النظام المصرفي , وايجاد انظمة للبرامج التقاعدية الخاصة تضمنها الدولة .
5- تأسيس مكاتب التشغيل وتقديم منح مالية للاشخاص العاطلين عن العمل .
6- التحويل التدريجي لمؤسسات الدولة الى مؤسسات خاصة , وعدم بيع المؤسسات الى القطاع الخاص مع العاملين فيها , بل نقل هؤلاء الى مؤسسات اخرى قبل بيعها .
7- تقديم كل التسهيلات الممكنة التي تتيح للافراد والمؤسسات الخاصة من اقامة المشاريع الصغيرة والكبيرة في جميع القطاعات .
8- تشجيع العاملين في الدولة على التوجه نحو اقامة مشاريعهم الخاصة من خلال منح كل شخص راغب بترك العمل في الدولة قروض وتسهيلات تمكنه من القيام بذلك .
9- منع ازدواجية العمل , وفصل كل موظف يثبت وجود نشاط ربحي خاص لديه .
10-  وضع نظام ضريبي عادل على جميع الفعاليات بما يحقق للدولة موارد مالية داخلية .
11- تشجيع قيام جمعيات خاصة لبناء المساكن تضمنها الدولة من خلال انظمة مناسبة .
12- اقامة دور حكومية وخاصة لرعاية المسنين وشمولها ببرامج الرعاية الاجتماعية .
13- تطبيق القوانين على الجميع بشكل صارم والتوسع في اسلوب فرض الغرامات المالية على جميع انواع المخالفات كطريقة لتعليم الاشخاص مبدأ احترام القانون .
14- محاربة الفساد والرشوة والابتزاز والكسب الغير مشروع بين موظفي الدولة بقوة وقطع العلاقة تماما بين الموظف والمواطن وتأسيس اجهزة رقابية فعالة لهذا الغرض.
15- حرمان الشركات التي تقدم عمولات لموظفي الدولة من اي فرصة عمل مستقبلية وانشاء قائمة سوداء بتلك الشركات .
16- معالجة جميع نواحي الخلل في القطاع التعليمي وتشجيع التوجه نحو التعليم الخاص بكافة مراحله ووضع ضوابط صارمة في معادلة الشهادات العلمية .

ان من الأكيد بان لا تلاقي مثل هذه الاجراءات شعبية عند تطبيقها وقد حتى يعم التذمر منها , غير ان الضرورة تتطلبها عملا بالمثل القائل (امشي ورا اللي يبكيك ولا تمشي ورا اللي يضحكك) . وبخلاف ذلك سيواجه الاقتصاد العراقي في ظل الاوضاع الراهنة نكسة لا يمكن لاحد تصور نتائجها مستقبلا . ولكن بعد مضي فترة من تطبيق هذه الاجراءات وترسخها ستظهر اثارها بشكل جلي على كل نواحي الحياة وسيعم الرخاء والازدهار على جميع طبقات المجتمع وافراده .

هذا المقال نشر بجريدة الزمان العراقية بتاريخ 22-1-2010