الوهم هو الحقيقة الوحيدة في حياتي , فأنا والوهم صديقان متلازمان لا يفترقان , فقد امتزجنا أنا وهو حتى صرنا كيانا واحدا.
حين كنت صغيرا كنت أخاف من أشياء لا أعرفها , كنت كطفل السياب في انشودته عن المطر تملأني نشوة وحشية حين أرتعب وأخاف , فلا أجد غير فراشي لأخبئ رأسي تحت غطائه عله يخلصني من خوفي ويحميني من رعبي . لم ينفعني اختبائي , ولم يخلصني غطاء فراشي فلم اجد غير الوهم سلاحا أدافع به عن نفسي حين أخاف من المجهول الذي لا أعرفه ولا أفهم كنهه . لكن خوفي كبر مع كبري وتطور مع تقدم عمري وتولدت فيه مناعة من سلاحي حتى تحول خوفي نفسه إلى وهم من أوهامي .
والوهم كان دالتي في صنعي لصداقاتي وزمالاتي حين جعلني أتصور بأن الصداقة هي علاقة قدسية وسامية كعلاقة كلكامش في ملحمته بصديقه انكيدو , صداقة تقوى على الظروف وترتفع فوق طبائع النفوس . والوهم كان هو الذي أخذني وجعلني أيقن بأن لا صداقة أخرى يمكن أن تكون إذا فشلت واحدة , ولا صديق آخر يمكن أن يوجد إذا خان صديق , ولاصديق جديد يمكن ان يحل محل صديق غاب أو صديق رحل , فظل يختطف صداقاتي الواحدة تلو الاخرى حتى أبقاني في الأخر وحيدا لا أملك غير أوهامي .
والوهم كان حاضرتي حين أدركت باني لست غير نصف انسان أبحث عن نصفي الآخر فصير لي كل فتاة أراها مشروعا لنصفي الثاني الذي أفتش عنه , فملآت حياتي عشرات المشاريع التي لم تشيد ولم تر النور . والوهم ذاته الذي كان وراء أن أخلق لنفسي حبيبة من عروس بحر عذراء أشبه بملاك جعلتها توأما لروحي وزائرة مستديمة لاحلامي فهمت بها حبا وصرت لها عبدا . والوهم نفسه الذي دفعني الى ان اخلق لنفسي فتاة اخرى اعشق جسدها وأنتشي برشف رحيقها وارتعش حين اشم عطرها واذوب لمحياها . والوهم كان في داخلي حين جعلت من حبيبتي الأولى (كداحس) تغار من عشيقتي , ومن عشيقتي الثانية (كالغبراء) تريد الانتقام من حبيبتي , فجعلا من ساحتي صراع لحرب ضروس أستمرت دمويتها على مدى عمري بلا هوادة وبلا هدنة . وبين هذه وتلك اضعت حتى النصف الذي هو انا فلم يتبق لي في النهاية غير أوهامي .
والوهم كان هو الوحيد الذي انتشلني حين ضعت وسط أمواج البحث عن الحقيقة فجعلني اظن باني كنبي جبران خليل جبران قادر على أن أصنع كتابي المقدس وأن أكوّن لنفسي دينا لي من بنات أفكاري وأن أبشر به بين أصحابي . خلقت لنفسي صلاة أتعبد بها وألفت لديني ترنيمة أسبح بها , واخترت من هنا ومن هناك مبادئ أخذت أقدسها . ظننت بأني وصلت الى راحة نفسي وأني أدركت ما لم يدركه غيري , لكني في النهاية لم أجد أضعف من إيماناتي ولم اجد ابدا اتفه من معتقداتي . رحت أحاول أن اخلص نفسي من آثامها , فإذا بي كلما خلصتها من وهم غاصت في وهم آخر حتى أيقنت في النهاية بأني غرقت وليس هناك من يستطيع ان ينتشلني ابدا من بحر أوهامي .
الوهم كان معي منذ بدأت وكنت أظن بأنه سيبقى معي حتى أنتهي . كل ما صنعته كان وهما , وكل ما ادعيته كان وهما , وكل ما أنجزته كان وهما . كنت أحوّل كل وهم سيطر عليّ في حياتي إلى حقيقة من خلال مبررات أنا من يخلقها وأنا من يحاول الاقتناع بها . كذبت على نفسي وخدعتها زمنا طويلا , لكني اليوم أدركت زيف الحياة التي عشتها وشعرت بهشاشة البناء الذي بنيته وان الوهم هو كذبة خدعت بها نفسي .
والآن وبعد أن أدركت ما هو الوهم وأصبحت أستطيع أن أعرفه وأن أصفه وحتى أرسمه , قررت أن أحاربه بكل ما أوتيت من قوة وأن أبعده نهائيا عن حياتي . ليس هناك أبدا وقت متأخر لمن يريد أن يبدأ فعلا , لذا فإني أجد بأن ولادتي لم تحصل إلا في اليوم الذي ادركت فيه حقيقة اوهامي لانه كان حقا اول يوم ممّا تبقى من عمري . في ذلك اليوم كنت على موعد مع بداية جديدة , بداية حقيقية , بداية لن يؤثر عليها ما مرّ من زمن , بداية لا تعرف التواني أو التراجع , بداية لحياة ليس للوهم فيها مكان مرة أخرى , بداية ليس فيها إلا حقائق كبرى في حياتي .
حين كنت صغيرا كنت أخاف من أشياء لا أعرفها , كنت كطفل السياب في انشودته عن المطر تملأني نشوة وحشية حين أرتعب وأخاف , فلا أجد غير فراشي لأخبئ رأسي تحت غطائه عله يخلصني من خوفي ويحميني من رعبي . لم ينفعني اختبائي , ولم يخلصني غطاء فراشي فلم اجد غير الوهم سلاحا أدافع به عن نفسي حين أخاف من المجهول الذي لا أعرفه ولا أفهم كنهه . لكن خوفي كبر مع كبري وتطور مع تقدم عمري وتولدت فيه مناعة من سلاحي حتى تحول خوفي نفسه إلى وهم من أوهامي .
والوهم كان دالتي في صنعي لصداقاتي وزمالاتي حين جعلني أتصور بأن الصداقة هي علاقة قدسية وسامية كعلاقة كلكامش في ملحمته بصديقه انكيدو , صداقة تقوى على الظروف وترتفع فوق طبائع النفوس . والوهم كان هو الذي أخذني وجعلني أيقن بأن لا صداقة أخرى يمكن أن تكون إذا فشلت واحدة , ولا صديق آخر يمكن أن يوجد إذا خان صديق , ولاصديق جديد يمكن ان يحل محل صديق غاب أو صديق رحل , فظل يختطف صداقاتي الواحدة تلو الاخرى حتى أبقاني في الأخر وحيدا لا أملك غير أوهامي .
والوهم كان حاضرتي حين أدركت باني لست غير نصف انسان أبحث عن نصفي الآخر فصير لي كل فتاة أراها مشروعا لنصفي الثاني الذي أفتش عنه , فملآت حياتي عشرات المشاريع التي لم تشيد ولم تر النور . والوهم ذاته الذي كان وراء أن أخلق لنفسي حبيبة من عروس بحر عذراء أشبه بملاك جعلتها توأما لروحي وزائرة مستديمة لاحلامي فهمت بها حبا وصرت لها عبدا . والوهم نفسه الذي دفعني الى ان اخلق لنفسي فتاة اخرى اعشق جسدها وأنتشي برشف رحيقها وارتعش حين اشم عطرها واذوب لمحياها . والوهم كان في داخلي حين جعلت من حبيبتي الأولى (كداحس) تغار من عشيقتي , ومن عشيقتي الثانية (كالغبراء) تريد الانتقام من حبيبتي , فجعلا من ساحتي صراع لحرب ضروس أستمرت دمويتها على مدى عمري بلا هوادة وبلا هدنة . وبين هذه وتلك اضعت حتى النصف الذي هو انا فلم يتبق لي في النهاية غير أوهامي .
والوهم كان هو الوحيد الذي انتشلني حين ضعت وسط أمواج البحث عن الحقيقة فجعلني اظن باني كنبي جبران خليل جبران قادر على أن أصنع كتابي المقدس وأن أكوّن لنفسي دينا لي من بنات أفكاري وأن أبشر به بين أصحابي . خلقت لنفسي صلاة أتعبد بها وألفت لديني ترنيمة أسبح بها , واخترت من هنا ومن هناك مبادئ أخذت أقدسها . ظننت بأني وصلت الى راحة نفسي وأني أدركت ما لم يدركه غيري , لكني في النهاية لم أجد أضعف من إيماناتي ولم اجد ابدا اتفه من معتقداتي . رحت أحاول أن اخلص نفسي من آثامها , فإذا بي كلما خلصتها من وهم غاصت في وهم آخر حتى أيقنت في النهاية بأني غرقت وليس هناك من يستطيع ان ينتشلني ابدا من بحر أوهامي .
الوهم كان معي منذ بدأت وكنت أظن بأنه سيبقى معي حتى أنتهي . كل ما صنعته كان وهما , وكل ما ادعيته كان وهما , وكل ما أنجزته كان وهما . كنت أحوّل كل وهم سيطر عليّ في حياتي إلى حقيقة من خلال مبررات أنا من يخلقها وأنا من يحاول الاقتناع بها . كذبت على نفسي وخدعتها زمنا طويلا , لكني اليوم أدركت زيف الحياة التي عشتها وشعرت بهشاشة البناء الذي بنيته وان الوهم هو كذبة خدعت بها نفسي .
والآن وبعد أن أدركت ما هو الوهم وأصبحت أستطيع أن أعرفه وأن أصفه وحتى أرسمه , قررت أن أحاربه بكل ما أوتيت من قوة وأن أبعده نهائيا عن حياتي . ليس هناك أبدا وقت متأخر لمن يريد أن يبدأ فعلا , لذا فإني أجد بأن ولادتي لم تحصل إلا في اليوم الذي ادركت فيه حقيقة اوهامي لانه كان حقا اول يوم ممّا تبقى من عمري . في ذلك اليوم كنت على موعد مع بداية جديدة , بداية حقيقية , بداية لن يؤثر عليها ما مرّ من زمن , بداية لا تعرف التواني أو التراجع , بداية لحياة ليس للوهم فيها مكان مرة أخرى , بداية ليس فيها إلا حقائق كبرى في حياتي .
وسام الشالجي