اخر المواضيع في المدونة

الأحد، 12 أكتوبر 2014

تجربتي مع سيارة البرازيلي

بقلم
وسام الشالجي



في اوائل عقد الثمانينات من القرن الماضي قامت الحكومة العراقية باستيراد سيارات (فولكس واكن) Volks Wagon صنع البرازيل , او ما سمي في وقتها بـسيارات (البرازيلي) . وقد شاع في حينها بان هذه الصفقة كانت جزء من صفقة سلاح عقدت مع البرازيل , ولا يعرف ما هي تفاصيل تلك الاسلحة التي استوردها العراق مما حتم فرض بيع مثل هذه السيارة على العراق . وعلى الاغلب بان صفقة شراء هذه السيارة كانت بعرض من الحكومة العراقية وليس العكس , اي ان الحكومة العراقية عرضت شراء هذه السيارات مقابل ان تقوم البرازيل بتصدير الاسلحة للعراق . كانت الاعداد التي استوردت من هذه السيارة بعشرات الالوف , ويعتقد بانها وصلت الى 120 الف سيارة خلال السنوات بين 1983 - 1986 . وقد حازت هذه السيارة على شعبية هائلة في العراق بسبب سعة انتشارها في المجتمع العراقي ودخولها لجميع المدن بالعراق وتوفر ادواتها الاحتياطية بكثرة . بل ان الادوات الاحتياطية لهذه السيارة اخذت تصنع وتصدر للعراق من مختلف المناشيء , تركي , هندي , تايواني وغيرها . وقد حافظت البرازيلي على اسعارها لفترات طويلة بسبب كثرة الانتشار وسعة الطلب عليها . وكانت الالوان المستوردة منها بثلاث الوان هي الابيض , الاحمر , الازرق مع كمية قليلة بلون بني جائت مع موديل 1983 فقط .

 

ورغم شعبية هذه السيارة وحب الناس لها وتسيدها على الشارع العراقي لفترة طويلة الا انها كانت كارثة بكل معنى الكلمة ونكبة على كل من حازها . ولاني ممن حازوا على هذه السيارة  حيث بقيت عندي لمدة وصلت الى عشرين عاما فاحب ان ابين تجربتي معها .



عام 1985 اشتريت سيارة برازيلي جديدة من احد المعارض في الرصافة من نائب ضابط حصل عليها كمنحة للعسكريين من الشركة العامة للسيارات واستلمها من مركز التسليم في طريبيل . كانت السيارة جميلة وقد فرحت بشرائها لكونها جديدة لم تقطع غير المسافة المحصورة بين الحدود الاردنية وبغداد . كان اول شيء لاحظته بهذه السيارة هي انك ما ان تشغل جهاز التبريد (AC) فيها حتى تشعر بان السيارة تبدأ تكافح بمرارة من اجل ان توفر شيء من الهواء البارد لراكبيها , وان هذا الهواء لا ينعم به غير الجالس جنب السائق , اما السائق والجالسين بالخلف فلا يصلهم اي شيء من هذا الهواء البارد ويجب ان يستعملوا (المهافيف) لتحريك الهواء امام اوجههم طيلة الرحلة . ويبدوا بان اخضاع المواطن لتجربة استخدام المهافيف كان مقصودا لكي يكون جزء من التدريب الذي رغبت الحكومة في ان يتمرن عليه العراقي استعداد لما سيأتي في السنين القادمة . لم تمر اكثر من سنة واحدة حتى اصبح استخدام جهاز التبريد شيء من الأحلام لان الحماوة اخذت ترتفع في السيارة في كل مرة يشغل بها هذا الجهاز مما اصبح يتحتم عدم تشغيله , هذا اذا كان صاحب السيارة محظوظا ولم ينثقب عنده جهاز كومبريسر التبريد منفسا كل غاز الفريون الذي يحمله .



بعد مرور سنة من الاستعمال اخذت المياه تتسرب من اسفل الدشبول Dashboard داخل السيارة , وعند اخذها للمصلح تبين بان راديتر التدفئة Heater Radiator قد انثقب مما تحتم الغائه لانه مصنوع من البلاستيك ولا يمكن لحامه . ليس هذا فقط بل ان الحاوية البلاستيكية التي تضم هذه الراديتر قد تهشمت عند فتحها بسبب صعوبة استخراج منظومة التدفئة لايقاف تسريب المياه منها , وبهذا اصبحت السيارة بلا تدفئة بالشتاء ولا تبريد بالصيف . وبعد سنة ونصف توقف جهاز التشغيل الابتدائي (السلف) Starter عن العمل , وعند فتحه تبين بانه يحتاج الى تبديل البوش واعادة لحيم كوميتيتر الارميجر Armature . اخذ هذا العطل يتكرر بسبب البوش المستبدلة غير الاصلية التي لا تحتمل العمل لفترة طويلة , وبهذا اصبحت محتاج لفتح السلف ٍStarter كل ستة اشهر طيلة بقاء السيارة عندي . بعد سنتين من الاستعمال تعطل جهاز الكلج Clutch عن العمل واصبح يحتاج الى تبديل عينة وصينية Disc وبولبرن Ball-Bern  , وحين استبدلتهم اول مرة تكرر العطل ثانية بعد مدة مما جعلني افتح الكلج كل سنتين تقريبا بالاضافة الى تبديل قمجي الكلج كل مدة . ليس هذا فقط بل ان دواسة الكلج Clutch Pedal نفسها انفصلت عن محلها بعد حوالي خمسة سنوات من عمر السيارة , وكان لحيمها واعادة تثبيتها في مكانها من اصعب عمليات التصليح التي مرت بحياتي لانها كانت تعني ادخال منظومة اللحام الى قلب السيارة تحت الدشبول Dash-b0ard مما كان يهدد السيارة كلها بالاحتراق . والمصيبة الاعظم ان هذا الامر تكرر عندي مرتين خلال وجود السيارة عندي .



في السنة الثالثة اخذ البولبرن الامامي Front Tire Ball-Bern يصدر اصواتا غريبة , وعند فحصه تبين بانه يحتاج الى تبديل , واخذت هذه العملية تتكرر كل مدة مع واحد من الاطارات الامامية او الخلفية . ثم لاحظت بعد نفس المدة بان اطار الدشبول Dash-board Frame المقابل للسائق اخذ يتفطر بسبب حماوة الشمس المسلطة عليه , كما ان بعض اجزاء خريطة الدشبول الداخلية Dash board circuit المربوطة بالعدادات توقفت عن العمل معطلة بعض العدادت المهمة , وكان تصليحها ليس بالامر اليسير لجهل المصلحين بكيفية تصليح المواد الالكترونية . كما بعد مدة توقف كتف الداينمو Alternator عن العمل , وعند تبديله بما هو متوفر بالسوق وذو سعر مناسب لم يصمد كثيرا واصبح يحتاج الى تبديل كل سنة تقريبا . اما منظومة القدح (النارية) Sparking من بلكات Sparking Plugs ووايرات وقبغ الدلكو Delco Cover فاصبحت تحتاج الى تبديل لبعض اجزائها كل سنة او سنتين تقريبا . ظلت منظومة الحماوة من راديتر ومروحة Fan وجوزة الحماوة Heat Cut-out صامدة لمدة سنتين في البداية لكنها اخذت تعطل بعدها بصورة دائمة , حيث أصبح يتعين علي ان ابدل بعض اجزائها و خصوصا جوزة الحماوة والراديتر كل سنة الى سنتين تقريبا . اما منظومة البريك فقد كان يتعين علي تبديل الدسكات الامامية Front Break pads كل سنة او سنة ونصف , وتبديل الدسكات الخلفية كل ثلاث سنوات تقريبا بالاضافة الى التنفيس الدوري . ومن المشاكل الكبيرة بالسيارة هي مشكلة مانعات الاهتزاز (الدبلات) الامامية والخلفية التي غالبا ما تعطل وتسكب زيتها للخارج مما يتعين تبديلها كل مدة . ومن العطلات الغريبة بسيارة البرازيلي عطل طوافة خزان البنزين Tank floating ball مما يصعب على السائق معرفة كمية الوقود التي يحملها بالسيارة .



بعد انتهاء العشر سنوات الاولى من عمر السيارة لم يبقى جزء في السيارة سواء ان كان ميكانيكي او كهربائي او الكتروني لم يخضع للفتح والتبديل , بل ان التبديلات والتصليحات شملت حتى اشياء تتعلق بالبدن كنرمادات ويدات الابواب وماكينات الجام ودوشمة المقاعد Chairs Lining وغيرها من الاشياء . وبانتهاء هذه المدة اصبحت السيارة تحتاج الى تجفيت للمحرك Engine Overall لانها اصبحت تدخن وتحولت الى ما يشابه مكينة الدخان . والمصيبة ان عملية تجفيت المحرك حصلت والبلد في حالة حصار مما جعل توفير المواد الاحتياطية اللازمة وباسعار مقدور عليها ضربا من ضروب الخيال .



ومن المصائب الصعبة التي مرت بي هي ان فترة الحصار التي دامت ثلاثة عشر عاما رافقت وجود سيارة البرازيلي عندي وعند اغلب العراقيين واصبحت اسعار موادها الاحتياطية الاصلية شيء لا يمكن ان يتحمله المستهلك بالاضافة الى ندرتها . لذلك لم يتوفر امامنا غير التجفيت , اي اعادة استخدام المواد القديمة بعد تصليحها . قد يقول البعض بان ظاهرة التجفيت هي علامة على مدى ابداع عقلية العراقي التي تفتقت عنها انجازات لا مثيل لها , من بينها ظاهرة تجديد عمر المواد الاحتياطية للسيارات . نعم هذا صحيح لكن يجب القول بصدق ايضا بان عقلية العراقي التي تفتقت هذه لم تسفر الا عن نواتج من اسوأ ما خلق الله من جودة , فالمادة القديمة المجفتة كانت في معظم الاحيان لا تعمل سوى لاسابيع في احسن الاحوال , وكثيرا ما لا تعمل غير لايام معرضة المواطن لخسائر جمة لانه سيتحمل كلفة التجفيت والتبديل بالاضافة الى اضطراره لشراء مادة جديدة بعد مدة قصيرة .



خلاصة القول , ان تجربة البرازيلي معي كانت تجربة مريرة ومرة لابشع الحدود , وكم من المرات اضطررت لان اركن السيارة ليلا قرب احد الدور بسبب عطلها المفاجيء ثم احضر في الصباح اما لسحبها او برفقة مصلح لتصليحها . وحين جائت سيارات المنفيست بعد 2003 اشتريت سيارة كورولا Corrola موديل 1993 مستوردة من الامارات وعرفت بعدها معنى السيارة الجيدة التي تنجها شركة ممتازة ومن بلد منشأ يقدر قيمة الانسان . وعرفت ايضا كم ان سيارة البرازيلي التي رافقتني عشرين عاما سيارة قبيحة وبشعة وكريهة بكل ما في هذه الكلمات من معنى , وكم ان بلد منشأها سيء , وكم ان حكومة بلدنا قد أجرمت بحقنا حين لم تستطع ان توفر للعراقي غير هذه السيارة الحقيرة .

وسام الشالجي

13 تشرين اول (اكتوبر) 2014

هناك 4 تعليقات :

Unknown يقول...

ركبتها عشرين سنة و خدمتك و انتقدتها و سميتها حقيرة ..هسه ايران و العمائم التابعة لها راكبتك و انت تسميهم مولاي .

Unknown يقول...

بس كلي ليش كلبت الموضوع طائفية! هو ديحجي على تجربتة وية البرازيلي وعطلاتها، وانو الحكومة بذاك الوقت استوردتها، لا غير.

Unknown يقول...

على كلام الاخ هو الي خدم السيارة . ياعمايم يمعود انت فاهم الموضوع ظدرني منين الموضوع سيارة وين شبجت

غير معرف يقول...

كلامك صحيح اخ وسام هذه السياره مصيبه لكل من استخدمها وأتذكر سياره اخي موديل 1983 هو اللي خدمها أكثر مما خدمته