اخر المواضيع في المدونة

الخميس، 28 نوفمبر 2013

بمناسبة عيد الشكر - متى ينعم الله على الانسان بالهجرة الى كوكب أخر




قبل اكثر من 500 عام انعم الله على البشرية باكتشاف عظيم هو العالم الجديد (امريكا) , المكان الذي اتاح لكل المتظلمين بالارض بالهجرة اليه خلاصا مما كان يصيبهم من ظلم وقهر واستبداد , ولكي ينعموا فيه بكامل حريتهم واستقلالهم ويشيدوا فيه أمة جديدة لا مكان فيها للاضطهاد الديني أو السياسي أو الاجتماعي , ولينعموا فيه بحرية كاملة لأعتناق اي معتقد يرتأونه ويمارسوا اي نوع من الممارسات الانسانية دون تضييق ودون موانع مما يفرضه الاخرين . وفي مثل هذا اليوم , 28 تشرين اول (نوفمبر) تمر ذكرى عيد الشكر في اميركا , حيث اقام بعض المهاجرين البريطانيين قبل حوالي 400 سنة وبالتعاون مع بعض سكان اميركا الاصليين عيدا اقاموا فيه صلوات الشكر لله عز وجل على ما انعم عليهم من نعمة في ان وفر لهم المكان الامن لممارسة ايماناتهم دون وجود لمن ينغص عليهم ما يؤمنون به . غير ان السنين مرت وعاد ونشأ مرة اخرى ما فر منه هؤلاء الهاربين لان قوى العالم المظلم لم تسمح لهذه الحرية بان تتم ولاحقت هؤلاء المهاجرين الى اماكن استقرارهم في ذلك العالم الجديد واعادت مرة اخرى فرض القيود السياسية والدينية والاجتماعية عليهم . لذلك , لم تمر على اكتشاف ذلك العالم غير عقود قليلة حتى انتشرت فيه اعمال الظلم والقهر والتسلط والعبودية والتمييز العنصري والاستغلال البشري من جديد وبابشع صوره . كما تسربت اليه القوى الدينية التقليدية الفاشية أتية من الضفة الاخرى من العالم وأعادت فرض نفسها فيه وعلى من يقطنه , وبذلك عاد كل من هاجروا الى نفس ما كانوا عليه في عالمهم القديم . غير ان المخلصين بهذا العالم الجديد حاولوا ان يحيوا من جديد الامل السابق في نفوس المهاجرين وتحقيق ما كانوا يتمنونه من أمال واستطاعوا بعد نضال طويل ومن خلال ثورة تحررية في اعادة ترتيب اوضاع هذه المنطقة وانهاء السيطرة الاجنبية وتحرير الانسان لما يخلق عالما عادلا ومتحررا بقدر ما يمكن وكتبوا دستورا رائعا لانشاء امة جديدة ترفع شعارات العدالة والحرية للجميع . ثم تبعت هذا الانجاز العظيم خطوات اخرى تضمنت الغاء العبودية واتاحة حرية الدين والمعتقد والرأي للجميع حتى اصبحت الامة الأمريكية قبلة انظار العالم كله لما تحقق فيها من انجازات انسانية كبرى . لكن كل ما حققوه ظل يصطدم بأستمرار كلما مر الزمن بعقبات وصعوبات لم تكن بخلدهم او حساباتهم , او على الاقل خارجة عن ارادتهم . فبرغم كل الانجازات العظيمة التي تحققت من اجل التحرر من القيود القاهرة فان الانسان في العالم الجديد اصبح مرة اخرى لا يشعر فيه بالامان ولا زال لا يستطيع ان يمارس كل حريته الكاملة به في التعبير عن ارائه ومعتقداته . لا يعود هذا لان ما في هذا العالم من قوانين لا تتيح او تسمح له بذلك , بل لان قوى العالم المظلم القديم اصبحت بقياسات اليوم والتطور الحضاري المذهل غير بعيدة عن اي نقطة بالعالم بما فيها العالم الجديد , وبات من الممكن لها ان تتربص بكل ما يحصل في العالم بقديمه وجديده , وصارت تستطيع ان تمد ايديها واذرعها الى اي مكان فيه لتطال كل من يحمل رأي او معتقد يخالف معتقداتها او أرائها , أو ينادي بقول يأتي بالضد مما تؤمن به . لذلك اصبح من الواضح بان ليس هناك خلاص للانسان ولن تكون له حرية في ما يفكر فيه أو يعتقده ابدا , وسيبقى الانسان اينما ذهب واينما حل على وجه كوكب الارض مثل غاليلو ملزم بأن يعترف مرغما بخطأ افكاره لمجرد ان ينجوا بحياته , هذا اذا نجى بحياته لان قوى العالم المظلم في يومنا هذا لم تعد تترك لمن هو على شاكلة غاليلو حرية الخيار ولا تكتفي بتراجعه عن ارائه بل تقوم بتصفيته بمجرد ان ينبس ببنت شفة لا تتوافق مع افكارها .

لذلك لم يعد امام انسان اليوم المتظلم من قهر الانسان المتسلط غير ان يدعوا الله بان ينعم على البشرية بنعمة جديدة تتمثل بأكتشاف جديد يماثل اكتشاف العالم الجديد قبل 500 عام لكي يفر اليه كل من يطمح بعالم يتمتع بحرية الراي والمعتقد دون عوائق او موانع . لم يعد مثل هذا متاحا في كوكبنا الارضي , لذلك لم يعد على الانسان غير ان يتمنى اكتشاف كوكب جديد صالح لسكنى البشر لكي يفر اليه كل من يحمل معتقد لا يتوافق مع معتقدات الاخرين او يحمل اراء لا تروق للناس المتسلطين . في هذا الكوكب الجديد يمكن للأنسان ان يؤسس انسان الغد حضارة جديدة مبنية على وجود حرية ما بعدها حرية تتيح لساكني الكوكب الجديد اعتناق الفكرة التي يريدونها ومتاح به الأفصاح عن الرأي الذي يعتقدونه دون خوف او خشية من كائن من كان . وفي عالم المستقبل الجديد هذا يجب ان لا يسمح بان تتسرب اليه قوى العالم المظلمة , وان تكون فيه عدالة صارمة ما بعدها عدالة تقتص وتجتث كل من يريد فرض المعتقد بالقوة أو ايذاء المخالفين له بالرأي , وان تكون السيادة المطلقة بالنهاية هي لقوى الخير بلا منازع , وان لايكون فيه اثر لقوى الشر أبدا .   

وسام الشالجي